مزاجٌ سياســي

آراء 2024/07/24
...

علي الخفاجي

نتيجة التقلبات السياسية التي شهدتها البلاد في الفترة الماضية مرت التظاهرات ومنذ عقدين من الزمن بالعديد من المنعطفات، منها ما سارت بالشكل الصحيح ووفق المخطط المرسوم لها، وبالتالي أتت اكـــُـلُها حيث استخدمت التظاهرات التجمعات البشرية كوسيلة ضغط كبيرة، وبالتالي نفذت تلك المطالب بانسيابية ودون قيد أو شرط، ومنها ما تشرذمت وفكــكت وبالتالي لم تحقق الهدف المنشود؛

فللأولى أسباب ومعطيات جعلتها تحقق ما تبغى اليه نتيجة تحديد المطالب تحت قيادة (مركزية) وعملت بموضوعية، حيث جعلت من الجهات المسؤولة تحت ضغط الجماهير، وبالتالي لاسبيل لتلك الجهات إلا أن تحقق المطالب، أما الثانية فهــي التي تبعثرت ولم تحقق الشيء المراد نتيجة عدم وجود قيادة مركزية ولا وجود لمطالب حقة أو نستطيع ان نسميها مطالب مبعثرة، لم يستطع القائمون عليها على لملمة تلك المطالب وتقديمها بشكل صحيح والأمثلة كثيرة على تلك الحالتين.
أتذكر قبل أربع سنوات من الآن ونتيجة الضغط الكبير من قبل المتظاهرين، تم تشكيل فريق وزاري يتولى مراجعة أداء المحافظين والدوائر في المحافظات، وعلى هذا الأساس تم تحديد مهام هذا الفريق للوقوف على أسباب التقصير في تقديم الخدمات للمواطنين وتشخيص مكامن الفساد، وخــُـتم التوجيه على أن يقدم التقرير النهائي والتوصيات والى يومنا هذا لم تصدر توصيات ولا أحيلت المخرجات للجهات القضائية اي ملفات فساد،بطبيعة الحال وكنتيجة طبيعية فأن أي حكومة إذا ما ارادت البناء والنهوض بواقع بلدها عليها ان تكون دولة مؤسسات لا دولة حكومات إن صحت التسمية، وهذا ما سارت عليه معظم البلدان المتطورة صاحبة القوة السياسية والإقتصادية، بمعنى أن سياسة الحكومات المتعاقبة لم تكن واضحة ولا ترتكز على مقومات بناء الدولة إلى أن وصل الحال إلى ما نحن عليه فقد اعتدنا من خلال التجارب السابقة على ترحيل الملفات، دون ايجاد الحلول وبالتالي زادت التراكمات والأعباء نتيجة عدم استمرار الحكومات بزيادة الزخم على مختلف الأصعدة، ولم نرَ أو نسمع بأنها اكملت الملفات العالقة للحكومة التي قبلها واكتفت بما تنجزه خلال عمرها الذي حدده القانون دون متابعة الملفات القديمة وما آلت اليه مقررات اللجان أو الفرق التي سبق وان تم تشكيلها، لا تربطنـي أي علاقة بالنائب الحقوقــي باسم خشان سوى أنه زميل مهنة، بالإضافة ونتيجة ظهوره الإعلامـي المتكرر منذ سنوات وجرأته في كثير من الأحيان من خلال طرحه الجريء جعلني من متابعيه، وفي أغلب الأحيان أتابع ما يطرحه لأن ما يتم طرحه مشفوعاً بأدلة واثباتات، وهنا لا بأس أن نـــُـذكر الرأي العام بأن السيد باسم خشان ومنذ سنوات قام بجمع الأدلة، وقدم البراهين للجهات المسؤولة على فساد كثير من مؤسسات ودوائر محافظة المثنى، وكذلك بعض المحافظات لكنه وكونهُ “ابن ولاية” تخصص بالمثنى اختصاصاً دقيقاً وعمل على فتح ملفات تلك المؤسسات بالأسماءِ والعناوين فهو بذلك أستخدم منصبه التشريعي والرقابي خير استغلال وعمل على تنوير الرأي العام بمثل هكذا ملفات، والتي كانت منسية أو مسكوت عنها وهو الدور الحقيقي الذي يجب ان يكون عليه عضو مجلس النواب، التظاهرات التي نادى بها ودعا اليها ممثل المرجعية السيد حميد الياسري والتي كان من المقرر لها ان تكون يوم الأربعاء المصادف 12 حزيران من هذه السنة والتي تم تحشيد كبار القوم في محافظة المثنى، ولاقت تلك الدعوة استحسان ورضا العديد من الشخصيات من محافظات أخرى، ماهي إلا ردات فعل غاضبة وناقمة من الوضع العام في المحافظة، وعلى شخوص أستغلوا أموال ومصالح المحافظة أبشع استغلال كما هو الحال في أغلب المحافظات.
هنا ومن منطلق المسؤولية امام رئيس مجلس الوزراء فرصة تأريخية لتحقيق ما تصبو اليه الجماهير، من خلال متابعة ما تم الإتفاق عليه مع الوفد الذي تم اللقاء بهم من وجهاء ومسؤولين من محافظة المثنى برئاسة السيد الياسري، وهو تشكيل لجان رقابية من هيئة النزاهة وديوان الرقابة المالية والتي من المقرر لتلك اللجان ان تفتح ملفات فساد كبيرة منذ عام 2003 ولغاية الآن، نرى أنه وفي حال نجحت تلك اللجان الرقابية بتحقيق مبتغاها وكشفت ملفات الفساد فأن ذلك سيحسب للحكومة وسيسجل لها بأنها قامت، ومن خلال متابعتها بكشف ومعاقبة سُراق المال العام والفاسدين شريطة الإعلان عن الأسماء والمؤسسات التي قامت بتلك الأفعال، وألا تتأثر بالأمزجة السياسية كما الحكومات السابقة، واذا ماكتب لتلك اللجان النجاح، فإنها ستشجع النواب والشخصيات العامة في جميع المحافظات على انتهاج منهج خشان والياسري وسيعملون على جمع ملفات فساد تدين المسؤولين في تلك المحافظات، وبالتالي ستعمل تلك الاجراءات على تشذيب وتقليل الفساد الذي طالما كان جاثماً على صدور العراقيين لسنواتٍ وسنوات.