نوزاد حسن
لا أشك في أن ترامب بعد هذه التغيرات الدراماتيكية يحس بسعادة غامرة، ويشعر بأنه رشيق مثل غزال الريم عندنا، على الرغم من بلوغه الثامنة والسبعين. كما لا أشك بأنه يتمتع بطاقة كبيرة وذاكرة لا بأس بها لمن هم في عمره. باختصار:هو يعيش فكرة فوزه وكأنها حقيقة وقعت وتمت المصادقة عليها. وقد قال بعد انسحاب بايدن بأن هزيمة كمالا هاريس المرشحة البديلة لبادين أمر أسهل من هزيمة منافسه المنسحب، الذي قهرته شيخوخته وتعبه.
أولئك الامريكان غريبو الأطوار فحتى في شتاء العمر ينغمسون بمتع شخصية تبدو غير لائقة كثيرا حسب قاموس مزاجنا الشرقي. وقد لاحظ أوكتافيو باز الشاعر والكاتب المكسكي ولع العجائز في أمريكا بفكرة المستقبل، والانغماس الدائم بتفاصيل قد يراها الآخرون مبالغة غير مقبولة. وهذا ما كتبه عنهم باز في كتابه متاهة الوحدة.
ترامب أحد أولئك العجائز، ويرجح ميزانه أنه أمريكي مهنته السياسة. اذن نحن أمام حالة غريبة من عناد نفسي لا يستسلم بسهولة. وما واجه ترامب أو كما قلت ما حدث من تغيرات في المشهد السياسي، خلال الايام الماضية كان دافعا له كي يتصرف، وكأنه حسم الانتخابات لمصلحته.
رصاصة طائشة جرحت اذنه اليمنى في مشهد سينمائي هوليوودي، صخب ودم يسيل منه، ثم رفع قبضته عاليا، بعدها جاءت خطوة انعشت ترامب هي انسحاب بايدن، ومجي كمالا هاريس، كل هذا لم يكن يحلم به. وقد تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي، والفضائيات قول ترامب إنه أصيب برصاصة من أجل الدفاع عن الديمقراطية. هذه هي مرافعة سياسي يريد الفوز. إن مجرى الأحداث- ولعل هذا ما يشغل مخ ترامب المكون من مليارات الخلايا- يصب كله في مصلحة هذا المصر على الوصول إلى قيادة أمريكا من جديد.
في النهاية هو عجوز أمريكي لم يفقد ثقته بأمله. ولا يمكن عده تلميذا جيدا لامرسون ذلك المفكر، الذي علّم أجيالا أن الحياة مفتوحة الأفق إلى حد كبير. أما السياسة فهي نشاط قد لا يؤدي دائما إلى تحسين مزاج الإنسان، بل قد يتعرض وهذا من استثناءات السياسة أحد القادة إلى شعور بالقلق أو الانزعاج جراء مفاجآت الواقع اليومي غير المسيطر عليها.