القاضي كاظم عبد جاسم الزيدي
لما كانت الدولة قد منعت الافراد من استيفاء حقوقهم بأنفسهم و تكفلت لهم دون تمييز حق الالتجاء إلى القضاء لطلب الحماية القضائية واسترجاع حقوقهم ، فان ممارسة هذا الحق يجب ان تكون بطريقة منظمة غير عشوائية ووفق الإجراءات و القواعد التي حددها القانون بهذا الشأن، فوضع المشرع في قانون المرافعات المدنية عدة ضوابط تضمن صحة القضاء و الاطمئنان إلى حسن سير العدالة و حياد القاضي وسميت فقهاً (ضمانات صحة التقاضي ) وقد نص الدستور العراقي النافذ لعام 2005 على ضمانات التقاضي في المادة (19) حيث ان التقاضي حق مصان و مكفول للجميع ولكل فرد ان يعامل معاملة عادلة في الإجراءات القضائية و ان هذه الضمانات يتعلق بعضها بشخص القاضي و صلاحيته للقضاء و عليه التنحي وجوباً عن نظر الدعوى عند توفر إحدى الحالات الواردة حصراً في قانون المرافعات المدنية رقم 83 لسنة 1969 في المادة (91) منه دون طلب الخصوم و اذا نظرها رغم ذلك فان حكمه يفسخ واجراءاته باطلة، حيث ان التنحي في هذه الحالة هو تنحٍ وجوبي ، وزيادة في الحيطة ورفع الحرج عن القضاة أجاز المشرع للقاضي اذا استشعر الحرج في نظر الدعوى لأي سبب كان ان يعرض أمر تنحيته على رئيس المحكمة و لو لم يتوفر سبب يجعله غير صالح للنظر في الدعوى ( التنحي الجوازي ) و هي اذا القاضي كان زوجاًأو صهراًأو قريباًلأحد الخصوم إلى الدرجة الرابعةوإذا كان له أو لزوجته أولأحد أولاده أو احد أبويه خصومة قائمة مع احد الطرفين أو مع زوجته أو احد أولاده أو احد أبويه أو كان وكيلاً لأحد الخصوم أو وصياً عليها و قيماً و اذا كان قد أفتى أو ترافع عن احد الطرفين أو كان سبق له نظرها قاضياً أو خبيراً أو محكما ًأو كان قد أدى شهادة فيها وعلى الرغم من ان القاضي غير مسؤول مدنياً عما ارتكبه من أخطاء إثناءتأدية واجبه القضائي إلا ان المشرع العراقي أجاز للخصم ان يشكو القاضي أو هيئة المحكمة اذا وقع منه غش أو خطأ مهني جسيم أو الامتناع عن إحقاق الحق ، هذا ويجب انذار القاضي ودعوته لاحقاق الحق في هذه الحالة ، وهناك ضمانات أخرى لصحة القضاء تتعلق بالدعوى و أطرافها منها علانية المرافعة كضمانة لصحة مايجري في سوح القضاء و كنوع من الرقابة على اعمال القاضي و ضمان حقوق الناس و حرياتهم وقد نص الدستور العراقي بان جلسات المحاكم علنية، الا اذا قررت المحكمة جعلها سرية كما أجاز قانون المرافعات المدنية نقل الدعوى من محكمة الى أخرى كضمانة من ضمانات صحة التقاضي في المادة (97) منه لاسباب قانونية كتعذر تشكيل المحكمة او كان في رؤية الدعوى ما يؤدي الى الاخلال بالامن او لاي سبب تراه محكمة التمييز مناسباً وبقرار من محكمة التمييز و بهدف تكافؤ الفرص للحصول على الخدمة القضائية للجميع
على السواء والحيلولة دون امكانية ممارسة حق التقاضي فقد نص المشرع العراقي في قانون المرافعات المدنية على حق المعونة القضائية للفقراء غير القادرين على دفع الرسوم القضائية رسوم الدعوى او الطعن و ذلك بشروط محددة و تتمثل في تأجيل تحصيل الرسوم ممن صدر له قرار المعونة الى نتيجة حسم الدعوى المنظورة، كما ان قانون الرسوم العدلية هو الاخر قد نص على المعونة القضائية و ان حق التقاضي لكل انسان يعتبر من الحقوق
الأساسية.