حرائق متعمدة وتعويضات مالية تنهك الاقتصاد العراقي
العراق
2019/07/07
+A
-A
بغداد / هدى العزاوي
شهد العراق خلال الاشهر الماضية حرائق طالت حقول محصولي الحنطة والشعير في مختلف المحافظات الشمالية الغربية وتحديدا (صلاح الدين، ديالى، كركوك، نينوى)، هذا ما أكده مدير اعلام وعلاقات مديرية الدفاع المدني العقيد جودت عبد الرحمن داود.
وأوضح داود، في حديث لـ"الصباح"، أن عدد الحرائق في المحافظات الاربع المذكورة بلغ (328) حريقا اي ما يقارب 54300 دونم تعرض للتخريب نتيجة لاسباب صنفها الدفاع المدني الى (81) حادثا يتعلق بالتماس الكهربائي وتدلي الاسلاك وعدم تشطيبها وفق متطلبات مديرية الدفاع المدني، و(41) حادثا متعمدا نتيجة خصومة شخصية او نزاع على الملكية، فضلا عن مخلفات "داعش" الارهابية، ووجدت عبوات ناسفة في هذه المحاصيل وقع ضحيتها عدد من منتسبي الدفاع، و(34) حادثا نتيجة صيانة الحاصدات داخل الحقول الزراعية، يضاف الى كل ذلك اعقاب السكائر والزجاج الذي ولد (25) حادثا، ومصدر نار خارجي (36) حادثا، كما حددت الادلة الجنائية (111) حادثا لاسباب تتعلق بالتحقيقات، ليكون مجموع الحوادث التي طالت محصولي الحنطة والشعير (328) حادثا كما ذكرت انفا".
ويؤكد داود أن هذه الحوادث تحصل سنويا لأسباب مختلفة الا ان الاسباب الرئيسة الثلاثة التي ظهرت في هذا العام تنحصر في الخصومات الشخصية والعشائرية والنزاع على الملكية بين المحافظات واخيراً المخلفات التي تركتها داعش الارهابية في الأراضي الزراعية، لافتا إلى أن حملة الحصاد انطلقت ضمن خطط مديرية الدفاع المدني في محافظات الجنوب والوسط وبعد الانتهاء من المحافظات المذكورة بدأت حملة الحصاد تحديديا في مايس 2019 في المحافظات الشمالية الغربية التي شهدت ومع الاسف الشديد حرائق قد تكون بنسبة ضئيلة جدا الا انها اثرت بشكل كبير على الفلاح الذي كان ينتظر بفارغ الصبر الايرادات لجهوده المبذولة في الزراعة".
التعويضات الاخرى
وفي ما يتعلق بالحوادث الاعتيادية التي طالت معامل ومخازن ومرائب اليرموك وغيرها، يؤكد مدير اعلام وعلاقات مديرية الدفاع المدني ان "اسبابا متباينة وشكوكا في ما يتعلق بمرآب اليرموك الذي ادى الى احتراق حوالي 24 عجلة بين جزئي وكلي، وقد تمكنا من انقاذ 20 عجلة واقفة، والتي رجحنا اسبابها ليس بشكل دقيق ورسمي بسبب تقاطع المعلومات مع الادلة الجنائية الى وجود آلة للحام داخل المرآب مع وجود اشجار متيبسة لتكون نتيجها هذا الحادث"، لافتاً إلى أنه "حتى يصار إلى أصدار تقرير نهائي في ما يتعلق باي حادث يجب التأكد من مطابقتهم لمتطلبات الدفاع المدني ومؤشر بالكشوفات ضمن قانون الدفاع المدني رقم 44 لسنة 2013 وحاصل على شهادة السلامة لاخلائه من المسؤولية ويمكن للجهات الاخرى البت بالتعويض، اما اذا كان مخالفا وتنطبق عليه الفقرتان 21 و22 يغرم من 250 ألف الى مليون دينار ويتحمل كل التبعات القانونية التي يحددها تقرير الادلة
الجنائية".
من جانبه، افاد مقرر اللجنة المالية النيابية الدكتور احمد الصفار في تصريح خاص لـ"الصباح" بأن مجلس النواب شكل لجنة مكونة من لجنة الامن والدفاع واعضاء لجان اخرى لتقصي الحقائق والتعرف على الاسباب والمساحات المتضررة وتحديد الخسائر نتيجة لتلك الحرائق خاصة وان بعضها مفتعل من قبل الفلاحين للحصول على التعويضات او نتيجة خصومات شخصية".
ويضيف الصفار خلال حديثه لـ"الصباح": أنه "وبحسب قانون الموازنة يتم تعويض الفلاحين من الموازنة الطارئة التي تم تخصيصها في موازنة 2019 المتعلقة بالحوادث الطارئة كالحرائق والفيضانات وغيرها، لذا شكلت اللجنة لتحديد الخسائر ولتعويض المتضررين، هذا في ما يخص حوادث الحنطة والشعير اما في ما يخص الحوادث العرضية التي طالت العراق فانها تحدد من قبل الوزارات التابعة لها للبت فيها".
مؤكدا:" ان هذه الحوادث تؤثر وبشكل سلبي في الاقتصاد العراقي الذي شهد نتيجة الحروب تراجعا في مختلف قطاعاته الاقتصادية سواء ان كانت زراعية او صناعية او تجارية لذا كنا نأمل خيرا من القطاع الزراعي بتغطية حاجة السوق المحلية خاصة وان العراق يعتمد على الاستيراد".
اتهامات اخرى
توزعت اتهامات اندلاع الحرائق التي طالت المحاصيل الزراعية بين داعش وحرارة الصيف اللاهبة حتى شهد مخزن طحين العراقي في علوة جميلة اندلاعا مفاجئا للحرائق لتزايد عدد الشكوك والاتهامات لوجود ايد خفية لابقاء العراق ضمن خانة المستورد لهاتين المادتين اللتين تشكلان اهمية كبيرة في السلة الغذائية.
من جهته، اشار المحلل السياسي محمد الفيصل، في تصريح لـ"الصباح": إلى أن "انتقال الحرائق بشكل تراتبي لتشمل معظم المساحات الشاسعة المزروعة بمادة الحنطة والشعير بعد اعلان الجهات المعنية تعافي ووفرة الموسم الزراعي أمر يثير الشكوك، خاصة وان نتائج التحقيقات وفضح الجناة وإحالتهم للجهات القضائية لردع او إيقاف عملية الحرائق مازال يدور في فلك الفاعل المجهول وكأنّه جاء من كوكب آخر، وهذه قد تكون واحدة من الاسباب التي تثير الشك في ان هناك ايد خفية لمحاربة قوت الشعب خاصة في المناطق التي شهدت نشاطاً سابقاً لتنظيم داعش الارهابي الذي اخذ منها ما اخذ، كما ان لهذه الحوادث ابعادا اقتصادية الغرض منها إبقاء العراق في خانة المستوردين وعدم السماح له بتحقيق الاكتفاء الذاتي بهذه المادة".
وطالب الفيصل الجهات المعنية بـ"سرعة اكمال التحقيقات وانزال اقصى العقوبات بحق مرتكبي هذا الفعل فضلا عن الاسراع بمساعدة المتضررين نتيجة تلك الحرائق وتعويضهم بما يستحقونه، واخيرا لابدّ من الإشادة بدور فرق الدفاع المدني في السيطرة وإطفاء الحرائق وكذلك جهود
الاهالي".
تأثيرات اقتصادية
وتوقع مسؤولو وزارة الزراعة والجهات المعنية ان يبلغ العراق الاكتفاء الذاتي من مادتي الحنطة والشعير توزّع باتجاه الجغرافية من اقصاه لأقصاه، بعد موسم امطار غزيرة لكن يبدو أنّ المتربصين والحاقدين لايروق لهم تعافي العراق في القطاع الزراعي لتستمر سلسلة من الانتهاكات المتعلقة بتراجع هذا القطاع المهم الذي يقضي على البطالة اذا ما تم تفعيله. واشار المحلل الاقتصادي عبد الرحمن نجم المشهداني الى ان انتاج العراق من محصولي الحنطة والشعير يزيد عن خمسة ملايين طن وحاجة العراق الفعلية لتحقيق الاكتفاء الذاتي واغراق السوق المحلية ثلاثة وربع طن تقريبا لذا فان الكميات المحروقة لا تشكل رقما كبيرا من ناحية الانتاج اذا ما تحدثنا عن الانتاج المسوق ومازالت هناك كميات كبيرة لم تسوق الى الان والتي ستزيد من الانتاج، ولكن ستؤثر وبشكل كبير في الفلاحين المتضررين خاصة وانهم عانوا خمس سنوات من الفقر نتيجة النزوح لذا ستضاف لهم سنة اخرى من الفقر نتيجة لتلك الحرائق، كما وستدفع الفلاحين خلال السنوات المقبلة إلى العزوف عن زراعة المساحات المتضررة خوفا من نشوب حرائق اخرى والحاق الضرر بهم خاصة وانهم بامس الحاجة الى استعادة وضعهم الطبيعي بعدما شهدت المناطق التي تم استهدافها بالحرائق حروبا كبيرة وتدميرا في البنى التحتية ونزوح شريحة واسعة من سكانها، لذا على الجهات الحكومية مد يد العون ومساعدة الفلاحين والاسراع بتعويضهم من الموازنة الطارئة التي حددتها الدولة بـ 250 مليار دينار والتي لا تؤثر في ميزانية الدولة اذا ما تم تعويض الفلاحين المتضررين نتيجة لاياد خفية لا تتعلق باشعة الشمس الحارقة كما يتناقل البعض والا لماذا نشبت هذه الحرائق في هذه المناطق بالذات؟..
ويؤكد المشهداني خلال حديثه لـ"الصباح": "والدليل على وجود استهداف لإفشال القطاع الزراعي في العراق وعدم مشاركته في العملية الانتاجية من الناتج المحلي الاجمالي، اصابة المخازن الرئيسة للحبوب في منطقة جميلة كما ان استهداف القطاع الزراعي بمختلف الصور في العراق بدأ من نفوق الاسماك التي لم تكن بشكل اعتيادي والتظاهرات بما يتعلق بالدواجن الى الحرائق التي طالت الزراعة.. كل هذه الصور تصب في ابقاء العراق في خانة المستورد وتراجع القطاع الاقتصادي وزيادة
في نسب البطالة".