تأسيسات رؤية للعلاقة المتبادلة بين إيران وأميركا

العراق 2019/07/07
...

جواد علي كسار
 
سنتان فقط هي المدّة التي تطلبها تأسيس علاقات دبلوماسية مستقرّة إلى حدّ كبير بين أمريكا والصين، بدءاً من الاتصالات السرية بين السفيرين الأمريكي والصيني في وارشو سنة 1969م، ثمّ تبادل الرسائل السرّية عبر اسطنبول وباريس، مروراً بزيارة فريق أمريكي لكرة المنضدة، ورحلة سرية لهنري كيسنجر إلى بكين في شهر تموز 1971م، قبل أن نشهد زيارة الرئيس ريجارد نيكسون (ت: 1994م)، وأسبوع كامل أمضاه في العاصمة الصينية، بضيافة زعيمها الأشهر ماو تسي تونغ (ت: 1976م) وبقية القيادات، في شهر شباط 1972م.
يضع أحدهم ملف العلاقات الأمريكية ـ الصينية على مائدة الوزير محمد جواد ظريف، ويتساءل بكلمات تستبطن المرارة: لماذا نجحت دبلوماسية «كرة المنضدة» بين الصين وأمريكا، ولم تتحوّل المساعدات الإنسانية التي قدّمتها أمريكا لإيران مُباشرة، تحديداً لمتضرّري زلزال مدينة بم، إلى «دبلوماسية الزلزلة»؟ ولماذا لم تتطوّر زيارات الفرق الرياضية الأمريكية في المصارعة وكرة الطائرة، إلى مستوى «الدبلوماسية الرياضية» بين البلدين، رغم ما حظيت به الفرق الرياضية الأمريكية التي زارت إيران، من ترحيب واستقبال شعبي؟ بتعبير آخر: لماذا نجحت هذه الدبلوماسية مع الصين ولم تتطوّر أو تنجح مع إيران؟
يقدّم الوزير ظريف من خلال الجواب على هذا السؤال، إطاراً معرفياً، وتعليلاً وظيفياً، وورقة عمل مقترحة، نسعى أن نقدّمها في نقاط مكثفة، عبر هذا الجزء من الملف.
 
أولاً: التعامل المباشر
في طريقه إلى إرساء تأسيسات رؤية للعلاقة المتبادلة بين إيران وأمريكا، يوضح محمد جواد ظريف، إن العلاقة مع أمريكا أو أي بلد آخر هي مجرّد أداة ووسيلة، ينبغي أن تُستعمل لتحقيق المصالح الوطنية. الأصل هو تحقيق المصالح الوطنية والسعي صوب الأهداف المنشودة، ولا استثني من ذلك سوى «إسرائيل» على حدّ تعبير ظريف. 
يقول: «إن العلاقة مع أمريكا ليست واجبة ولا حراماً بحسب قول الفقهاء. لكن في العالم المترابط الآن، لا يسع فاعلان أساسيان مثل إيران وأمريكا، إلا التعامل مع بعضهما أرادا ذلك أم لا، كما حصل ذلك فعلاً في البوسنة إبّان التسعينيات الميلادية من القرن المنصرم، وفي أفغانستان والعراق بعد أيلول 2011م، وفي سوريا، والملف النووي وغير ذلك».
عند هذه النقطة يُهاجم ظريف بقسوة دبلوماسية الوساطة في إدارة العلاقة بين الطرفين، ويؤكد إيمانه القاطع بأهمية التعامل المباشر، وهو يقول نصاً: «لأسباب متعدّدة، أعتقد أننا نخرج من التعامل المباشر بأضرار أقلّ، لأن الوسطاء مهما كانوا رسميين أو شخصيين، فهم يفتقرون إلى الصداقة، ولا يفهمون مسائلنا كما ينبغي، ومن ثمّ فهم لا ينقلون الرسائل على نحو صحيح. أضف إلى ذلك أن المحور في عمل الوسطاء في الموارد جميعاً، هو مخاوف الوسيط ومنافعه وفهمه وتصوّراته، التي يُعبّر عنها ضمناً عند نقل الرسائل وعلى نحوٍ صريح أحياناً، وليس المحور في عمل الوسيط، هو منافعنا ومخاوفنا، أو منافع أمريكا ومخاوفها» (آقاي سفير، ص 153).
 
ثانياً: البُعد عن المثالية
من مخاطر إدارة المواقف السياسية، هو الانجرار وراء المخيال الذي تغذيه مشاعر المبالغة والوهم والتضخيم، كأن نصوّر للآخرين أن العلاقة مع أمريكا معناها نهاية الجمهورية الإسلامية، أو تُغذّي الشعب بوهم مقابل يُفيد، أن استئناف العلاقات مع أمريكا، هو مفتاح لحلّ مشاكل إيران جميعها، في الأمن والإدارة والاقتصاد، والحال أن التصوّرين كلاهما خاطئ، وبعيد عن الواقع.
يوضح ظريف هذا البُعد الشائك على نحوٍ صريح، وهو يقول: «طبيعي إن العلاقة؛ بل التعامل المباشر مع أمريكا على نحو أصح، ليس حلاً لمشكلاتنا، بعكس ما يتصوّر الكثير من الناس وحتى بعض النُخب، بل هي عملية صعبة وشاقة جداً وتخصّصية، تحتاج إلى تمهيدات واسعة، على المستويين الداخلي والخارجي. أضف إلى ذلك، أن التعامل لا يعني علاقة صداقة، فلا توجد علاقة تقوم على الصداقة الكاملة بين بلدين قطّ، وأنا أعتقد أن علاقتنا مع أمريكا لن تقوم على أساس الصداقة قط، في أيّ وقت من الأوقات. وهذا يسري مع البقية، إذ لدينا اختلافات جدّية وأساسية، مع الكثير من البلدان التي لنا معها علاقة، بل وتربطنا ببعضها علاقة صداقة بحسب الظاهر» (المصدر، ص 153).
لكن لماذا يحصل ذلك؟ وما هو السرّ من وراء هذه اللغة الجزمية القاطعة، التي يتحدّث بها وزير مرن أو معتدل مثل ظريف؟ تحيلنا الإجابة إلى نقطة جديدة، ترتبط هذه المرّة بإشكالية الأنموذج الذي تعرضه إيران في العلاقات الدولية.
 
ثالثاً: إشكالية الأنموذج
قام النظام العالمي خلال المئة سنة الماضية وخاصة بعد نهاية الحرب العالمية الثانية سنة 1945م، على أساس هيمنة واضحة للأنموذج الغربي بشقيه الأوربي والأمريكي، ومن ثمّ كان جوهر الصراع بين المعسكرين الغربي والشرقي، يعود إلى صراع بين أنموذجين لإدارة العالم، انتهى أخيراً لصالح الأنموذج الغربي، بهزيمة الاتحاد السوفيتي وانهياره ومنظومته الشرقية، بدءاً من عام 1989م. نظرياً جاءت أطروحة صراع الحضارات لصموئيل هينتنغتون (ت: 2008م) لتعكس روح التفرّد والأُحادية والهيمنة، بتصنيف أيّ حضارة أخرى منافسة للحضارة الغربية وأنموذجها في العلاقات الدولية، بوصفها خصماً ينبغي تهميشه ودحره ورميه خارج التأريخ، لكي يُغلق التأريخ على نهاية واحدة، هي نهايته الغربية بحسب فرنسيس فوكو ياما (معاصر، ولد: 1952م) أحد أبرز الأصوات التي اشتغلت بالتنظير لهذه الرؤية بعد نهاية الماركسية السياسية.
يعتقد ظريف أن إشكالية الأنموذج وتخوّف أمريكا والغرب عامة، من أي أنموذج مهدّد لـ«شرعيته العالمية» برزت واضحة في العالم الإسلامي. فمع وجود بلدان في العالم الإسلامي سبقت إيران بالتنمية والتقدّم بل تفوّقت عليها بالتحديث الاقتصادي، إلا أنها لم تتحوّل إلى مشكلة بالنسبة إلى أمريكا والغرب الأوربي، لأنها بافتقادها إلى الأنموذج ما وراء المحلي، لم تكن منافسة للغرب بشقيه، لذلك مرّت من دون أن تواجه تحدّياً جدياً، مثل ذلك الذي واجهته وتواجهه التجربة الإيرانية، بحكم أنموذجها الممتدّ إلى وراء 
حدودها.
 
ماليزيا والباكستان
عن العلاقة الإشكالية لبلده مع الغرب انطلاقاً من مسألة الأنموذج، يقول ظريف نصاً: «لدينا مشكلة بنيوية أساسية مع الغرب بخاصة أمريكا، تعود إلى دعوانا في أن لنا رؤية ذات بُعدٍ عالمي. وهذه المشكلة لا علاقة لها بميزان قوّتنا، بل ترجع في منشئها إلى رؤيتنا». ينتقل بعد هذه المقدّمة إلى التجربة الماليزية، ويُثير السؤال المفصليّ التالي: لماذا لا تعاني ماليزيا مثل هذه المشكلات التي تواجهها إيران؟ ليجيب، بقوله: «لأن ماليزيا لا تسعى وراء إحداث تغيير في النظام العالمي. من الممكن أن ماليزيا تبتغي الاستقلال، وأن تكون قوية، تسعى لتنفيذ سياساتها الخاصة بها، لكن قوّتها تلك وضعتها في نطاق تحقيق رفاهها الوطني. الرفاه الوطني هو هدف بالنسبة لنا أيضاً، لكن اخترنا إلى جوار ذلك النهوض برسالة عالمية، وموضعناها في نطاق دستورنا، وفي ضمن أهداف الثورة الإسلامية، وحتى إذا لم نموضع ذلك، فإن هذه الرسالة موجودة في بُنية ثورتنا وفي صميم ذاتيتها. وهذه الرسالة ليست لا تنطوي على خطرٍ وحسب، بل هي منبع للقوّة أيضاً، تماماً كما يُعدّ قوّة خطاب أمريكا، هو واحد من أهمّ منابع قوّتها؛ هذا الخطاب الذي تضرّر على عهد بوش الابن، ثمّ جاء اوباما بمهمة ترميمه وتقويته» (آقاي سفير، ص 235).
ليست ماليزيا على أهمية تجربتها هي نقطة المفارقة الوحيدة التي يستشهد بها ظريف، بل هناك أيضاً باكستان. فباكستان دخلت النادي الذري منذ سنة 1974م، وقد أصبح العالم كله اليوم على يقين بأن باكستان دولة نووية، بما في ذلك أمريكا والغرب الأوربي وروسيا والصين والأمم المتحدة ومنظمة الطاقة الذرية، بيدَ أنها لم تواجه من الضجيج والتحدّيات، مثلما تواجهه التجربة الإيرانية، مع أن الجميع يعرف يقيناً أن إيران لم تبلغ بعد ما بلغته باكستان منذ عقود، من قدرة بل من إنتاج فعلي للسلاح النووي!
يستنتج ظريف من كلّ ذلك، أن مشكلة إيران مع الغرب لا تعود إلى النووي، فأمريكا والغرب ممكن أن يسمحا لإيران نووية، لكن بلا أنموذج ما وراء محلي وبدون رسالة عالمية، كما كان شأنها كذلك على عهد الشاه محمد رضا بهلوي (ت: 1980م)، حيث دخل المعسكران الغربي والشرقي في تنافس لبناء مفاعل نووي لإيران؛ الاتحاد السوفياتي في مدينة بوشهر، والغرب الأمريكي الأوربي في العاصمة طهران وغيرها.
عند المفاضلة بين الشأنين؛ النووي والرسالة العالمية بأنموذجها القيمي، يختار ظريف الثاني على الأول، لأنه هو ما منح إيران ولا يزال يمنحها القوّة المضافة في المنطقة والإقليم والعالم، ومن دون هذا الأنموذج ورسالته، لن تكون إيران أكثر من باكستان ثانية؛ قوّة نووية أجل، لكنها مزوية، ولا ثقل لها في صياغة سياسات المنطقة والعالم. يستخلص ظريف هذه المعاني مجتمعة بنص مكثف، يقول فيه: «أعتقد أنه لن يكون لنا وجود خارجي، من دون أهدافنا الثورية، وأقصى ما نبلغه حينئذ أن نُبدّل ببلد كباكستان. إن ما يميّزنا عن بقية البلدان، هو الخصائص السامية لأهدافنا الثورية. لكن وكما ذكرتُ ذلك سابقاً؛ إن بلوغ هذه الأهداف يحتاجُ إلى ذكاءٍ، وينبغي لنا أن لا نرتكب في هذا المسار ما يتضادّ مع أهدافنا. معنى ذلك، ينبغي أن لا نقوم بما يستبدل نظرة الآخرين إلينا؛ من الأمل إلى الخيبة والتوجّس والقلق، فيتبدّل دورنا من أن نكون مُلهمين، إلى أن نكون خطراً برأي أولئك، وما يستتبع ذلك من شيوع حالة الخوف من إيران [إيران فوبيا] في المنطقة والعالم؛ فمثلُ هذا الحال لو حصل لن يكون إلهاماً!» (المصدر، ص 362).
 
مع تركيا!
وشائج الصلة كثيرة بين إيران وتركيا، منها ما يعود إلى التماثل في التجربة، وشيء من عناصر التأريخ السياسي المتشابه، كما بعض مظاهر الثقافة والنمو الاجتماعي، والدور الإقليمي، والعلاقة مع الغرب وهكذا. إيران ما انفكّت تنظر بعينٍ متفحّصةٍ إلى مسار الحوادث وتترقب تطوّراتها بجد، في أربعة بلدانٍ أساسية من حولها، هي العراق وتركيا والسعودية 
وباكستان.
بشأن الفكرة المحورية التي نحنُ فيها؛ أقصد بها قضية الأنموذج، تدفع موضوعية ظريف إلى أن يقرّ، بأن تركيا خطفت الراية من إيران، وراحت تُمارس في المنطقة دور الأنموذج المُلهم، الذي يتسم بالمحبوبية الإيجابية على حدّ تعبيره. ولـ«المحبوبية» قصة في تحليل الوزير ظريف، تُقسّمها إلى سلبية وإيجابية؛ وعلى قدر ما تكون الثانية مطلوبة، فإن الأولى مرفوضة وغير مرغوب بها، لكن ما يأسف له ظريف، أن إيران انزلقت إلى المحبوبية السلبية، حيث يقول نصاً: «إذا ما ادّعينا اليوم، أننا محبوبون في المنطقة، فإن محبوبيتنا في الحقيقة هي سلبية في أكثرها وليست إيجابية؛ بمعنى أن هناك من هو سعيد في المنطقة، لأننا وقفنا ضدّ أمريكا، لكن في المقابل وعلى الصعيد نفسه، ثمة من يرانا منافساً بل حتى خطراً، ويعتقد بأنه كلما تآكلت قوّتنا في عملية المنافسة والصراع مع أمريكا والغرب وضعفت، فإن ذلك ينفعه ومن مصلحته». يضيف: «يساورنا الإحساس نحن كذلك، أن هذه المحبوبية الظاهرية، هي عنصر إيجاد قوّة مُضافة بالنسبة لنا، على حين أرى أن هذا الضرب من المحبوبية لا ينسجم مع عُنصر الإلهام، إذ ينبغي لمحبوبيتنا أن تكون إيجابية، بمعنى أن الناس تنظر إلينا بوصفنا أنموذج وقدوة». عند هذه النقطة من التمييز بين نوعين من المحبوبية؛ سلبيّ مرفوض وإيجابيّ مطلوب يستحثّ الخُطى صوب الأنموذج والقدوة، ينعطف ظريف إلى تركيا، ويقول نصاً: «وهذا ما يحصل اليوم لتركيا في المنطقة، فهذه الحالة [المحبوبية الإيجابية على نحو الأنموذج والقدوة] هي في طور إيناع ونموّ بالنسبة إلى تركيا، وهذا ما لا ينبغي أن يكون. نستنتج مما مرّ أن حكومة تركيا لا تسير وراء أهداف وطنية محضة. ومن باب المفارقة أن نلحظ، أن حكومة تركيا عندما كانت مناهضة للإسلامية، وتسعى إلى تحقيق أهداف لا تتجاوز حدودها، ما كان لها هذا الحال من المحبوبية والجاذبية. لقد ازدادت قوّة الحكومة التركية عندما راحت تعكس في تجربتها، رسالة في المنطقة أوسع من حدودها الجغرافية» 
(المصدر، ص 362).
سرّ تراجع الدور الإيراني بنظر ظريف، يعود إلى عدم إتقان «فن التعامل»، وفن التعامل لا يعني التراجع، بل معناه حماية الأصول الكلية والأهداف العامة على نحو عقلائي. يقول في نقد سياسة التراجع التي شهدها عهد الرئيس السابق احمدي نجاد بحسب رأيه، ما نصّه: «ما يبعث على الأسف، أن التنفيذ السيئ للأهداف، جعلنا نشكّ الآن بأصل الأهداف نفسها، على حين أنه إذا كانت لنا منجزات ولو قليلة، فهي من عطايا تلك التوجّهات القيمية المبدئية، التي حوّلتنا في نطاق المنطقة، إلى قوّة يجدر التعامل معها» (المصدر، ص 362). 
أخيراً نختم الفقرة بهذا النص الدال على أهمية الأنموذج، وقدراته الفائقة على أن يمنح البلد ما يتخطى جغرافيته السياسية: «ماهية نظام الجمهورية الإسلامية أساساً، هي على نحوٍ بحيث لا تروق للحكومات الأُخر، لا فرق بين الصديقة والمعادية بحسب التصنيف الشائع. وإذا آمنا بأننا أصحاب أنموذج حكوميّ جديد، على الأقلّ في البُعد النظري، فإن هذا الأنموذج حوّلنا إلى لاعب، على نطاقٍ أوسع من حدود وقابليات جغرافيتنا السياسية» (المصدر، ص 153).
 
رابعاً إشكالية الإطار
بعد تفصيلات واسعة في إشكالية العلاقة بين إيران وأمريكا، يقترح محمد جواد ظريف نقطة انطلاق جديدة، تقوم على نظامٍ أو إطارٍ مرجعيّ جديد. يستعمل ظريف نصاً مصطلح «بارادايم»، وهو يقول: «لهذه الأسباب، فإن علاقة إيران بأمريكا تحتاج إلى (بارادايم) جديد» (آقاي سفير، ص 154). يضعنا المصطلح الذي استعمله ظريف أمام دلالات متعدّدة، منها الأنموذج الفكري العلمي، الأنموذج الإدراكي، الإطار النظري، النظام المعرفي، وهي بأجمعها ترتدّ إلى عملية معرفية، تتضمن المراجعة وإعادة النظر، ثمّ التشييد الجديد على أساس المعرفة والفهم المتبادل، وأخيراً وضع برنامج للعمل يأخذ بنظر الاعتبار المعطيات المشار إليها جميعاً. وهذا ما يقصده ظريف على وجه الدقة، ومن ثمّ لا يقصد بالنظام أو الإطار، المرادُ من مصطلح «بارادايم» معناه الشكلي الظاهري الميكانيكيّ الخارجي، وهذه عملية معرفية داخلية تقع على عاتق الطرفين معاً، تحديداً على المؤسّسات المعنية بالقرار في البلدين كليهما إيران 
وأمريكا.
هذا الإطار أو النظام الجديد، هو الوسيلة الفعّالة لمراكمة الخطوات بين الطرفين، بحيث لا يعودان إلى الصفر مع أول أزمة، وهذه التراكمية هي التي تمنح أي خطوة تقارب معناها الإيجابي، بوصفها داخل مكانها المناسب من الإطار، بعكس مبدأ حُسن النية المعمول به الآن، الذي يعيد العلاقة إلى الصفر أو ما دون الصفر مع أول 
صدمة!