الابتزاز الاميركي الى أين ؟

الرياضة 2019/08/03
...

صالح الشيخ خلف
 

وضع الرئيس الاميركي دونالد ترامب الاسرة الدولية والمجتمع الدولي منذ دخوله البيت الابيض عام 2017 امام استحقاقات جديدة تجسدت في الرغبة باعادة صياغة جميع الاتفاقات التي وقعتها الحكومات الاميركية السابقة مع مختلف الدول ، في الوقت الذي دعا الى تقليص المساهمة الاميركية المالية في الاحلاف العسكرية والمناخية والاقتصادية والتجارية ، لم تستثن اي دولة سواء كانت في الغرب او في الشرق، في الشمال او الجنوب من هذه القاعدة التي فسرها البعض بانها ارادة ترامبية تهدف الى تسجيل جميع هذه الاتفاقيات باسمه ليكون هو الرئيس الاميركي الذي يعيد صياغة الولايات المتحدة وفق معايير جديدة تنسجم مع الالفية الثالثة من التاريخ.
وهناك راي اخر يرى ، ان هدف الرئيس ترامب ليس تاريخياً لتعزيز الدور الاميركي في الداخل والخارج بقدر ماهو مالي ابتزازي لدعم الاقتصاد الاميركي على حساب اقتصاديات الاسرة الدولية من اجل استمرار الهيمنة الاميركية ، مستعينا بالقوة العسكرية والامنية والسياسية الهائلة التي تمتلكها الولايات المتحدة على الصعيد الدولي .  
وفي نظرة واقعية لمسار الادارة الاميركية الحالية ، يبدو ان العقلية التجارية التي يمتلكها الرئيس ترامب ، والنهج الشعبوي الذي يسير عليه في الداخل الاميركي يرشحانه لان يجمع بين النظرتين الانفتين للتعاطي مع التطورات الدولية خصوصا وانه يفكر بشكل جاد ومركز على خوض الانتخابات الرئاسية القادمة التي تجرى العام المقبل .
لقد كانت حالة الابتزاز المالي واضحة في سلوك الادارة الاميركية في تعاطيها مع علاقات الولايات المتحدة مع الاسرة الدولية دون النظر الى اهمية حالة التحالف التي ربطت واشنطن مع هذه الاسرة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية حتى الان .
ان الولايات المتحدة شعرت بعد سقوط الحرب الباردة عام 1991 بعد تفكك الاتحاد السوفيتي انها اصبحت القوة الاولى والوحيدة التي تستطيع الهيمنة على العالم ، خصوصا وانها ساهمت في تفكيك المعسكر الشرقي وتوجيه ضربة قوية للمعسكر الاشتراكي وحصر الطموح في روسيا التي ولدت على انقاض الاتحاد السوفيتي . الا ان النمو المذهل الذي حققته الصين اقتصاديا ، والمسار الذي سلكته روسيا في اعادة اعتبارها السياسي والامني في العالم بقيادة الرئيس فلاديمير بوتين ، اضافة الى صعود دول البريكس اقتصاديا خلق حالة من الهلع لدى مختلف الاوساط الاميركية من تداعيات مستقبل التحالفات في العالم خصوصا رغبة الدول النامية في تحويل تحالفاتها الاقتصادية الى تحالفات امنية كالبريكس وشنغهاي واسيان .
ولعل ما يقلق الولايات المتحدة هو امتلاك الدول المختلفة للتكنولوجيا التي كانت تفكر في احتكارها ومحاولة عدم تصديرها للدول المختلفة .
ان المعركة الضارية التي تخوضها الولايات المتحدة مع شركة صينية على مستوى شركة هواوي دليل على عدم رغبتها في رؤية المعرفة والتقنية بيد دول اخرى كالصين او كوريا او الهند او البرازيل .
في جردة حسابية بسيطة ، استطاع الرئيس ترامب استحصال 460 مليار دولار دفعة واحدة عندما زار الرياض عام 2017 ومشاركته في القمم الثلاث التي عقدت انذاك . اتهم الرئيس ترامب مؤخرا الصين في المماطلة بشان تنظيم الحالة التجارية بين البلدين ولوح بفرض ضرائب على المنتجات الصينية بنسبة 10 بالمئة الامر الذي سيدر ارباحاً – كما قال – تقدر بـ 300 مليار دولار سنويا . وفي موضوع حلف الناتو طالب الدول الاعضاء برفع مساهماتهم المالية لان واشنطن - كما قال ايضا - لاتستطيع من الان فصاعدا تحمل الاعباء للدفاع عن اوروبا . اما في التحالف الذي دعت اليه للحفاظ على امن المياه الخليجية فانها اشترطت على حلفائها تامين 90 بالمئة من المصاريف . وطالبت الادارة الاميركية اليابان بزيادة حصتها في ميزانية القوات الاميركية العاملة في هذا البلد خمسة اضعاف بعد ان كانت تدفع اليابان 8 مليارات و700 مليون دولار سنويا حتى العام 2020 . والعرض نفسه قدم لكوريا . اما الانسحاب من الاتفاق النووي الايراني فان احد اهدافه المهمة هو عدم الرغبة في اعطاء ايران جائزة ازدهار اقتصادها بازالة العقوبات الاقتصادية دون ضريبة مالية يجب ان تدفعها والتي حددها احد المواقع الاميركية بـ 220 مليار دولار .
لم تجد الادارة الاميركية وسيلة امامها سوى كبح جماح طموح الاسرة الدولية بفرض المزيد من الضرائب والاتاوات وممارسة اقصى حالات الابتزاز حتى وان كان على حساب مشاركتها في الاتفاقيات
الدولية .