متحفٌ مؤقتٌ يحتفي بصاحب {حدث ذات مرة في الغرب}

الصفحة الاخيرة 2019/08/27
...

باريس/ صلاح السرميني
 
عنفٌ، وغنائيّة، مبارزاتٌ في شمس الأندلس، الصداقة، والخوف في لقطةٍ قريبة جداً، يمتدّ الزمن إلى ما لا نهاية، "هنري فوندا" أنيقٌ كما هو الحال دائماً، وقاسٍ أكثر من أيّ وقتٍ مضى، "كلوديا كاردينالي" في عالمٍ من الأوغاد، والأشرار، "روبير دي نيرو" مبتسماً في زمن إلغاء الأفيون...
كان ياما كان إيستوود، والاش، فان كليف، والآخرون، ودائما موسيقى "إنيّو موريكوني"، ....كلّ هذا وأكثر في سينما "سيرجيو ليوني".
قادمٌ من بعيد جداً، ومن الأسفل تماماً، ليس على الإطلاق تقليديّا، ومألوفا في عيون حراس معبد الويسترن المُحتضر فترة الستينيّات، سابقا لعصره رُبما، وفيما إذا اليوم، وبعد مرور ما يقرب من ثلاثين عاماً على وفاته، قد تمّ الاعتراف به أخيرا، فقد كان لفترةٍ طويلة سينمائيٌّ في موضع استخفاف.  
مع ذاك المعرض، وكل ما صاحبه من تظاهراتٍ، فهمنا كيف أفسح الاحتقار الذي حصدته أفلامه الأولى "صُنع في إيطاليا" المجال لاحترام فرضه عمل مؤلف حقيقيّ، وكيف أصبح "سيرجيو ليوني" في كل مكانٍ مرجعاً لأقرانه، ولعشاق السينما، كما الحال بالنسبة لعامة الناس، من خلال سبعة أفلام فقط، وكيف أثرّت هذه الأفلام في خيالنا بشكلٍ دائم. 
 
سيرجيو ليوني في كان
كان، أصبحت حقاً مدينة للسينما طوال العام، وليس فقط فترة انعقاد مهرجانها الأشهر، وبعد أن أشاد به السيّاح، وانتظره سكان مدن الشاطئ اللازوري، بوصفه الحدث الصيفيّ الأهمّ، يعود المتحف المُؤقت المُخصص بالكامل للسينما إلى هذه المدينة في دورته الخامسة مع معرضٍ بعنوان "حدث ذات مرة ... سيرجيو ليوني" في قلب قصر المهرجانات، والمؤتمرات.
معرضٌ من تنظيمٍ مشترك بين السينماتك الفرنسية بباريس، وسينماتك بولونا (إيطاليا). 
تمّ تنظيمه الشتاء الماضي في السينماتك الفرنسية نفسها (12 تشرين الاول 2018 - 4  فبراير 2019)، وبعدها بدأت محطته الثانية في 11 تموز عبر مدينة كان، وسوف تستمرّ حتى 25  آب 2019.
يُجسّد المعرض قصة رجل، مبدع موهوب، ومحبوب من قبل جمهور الأمس، واليوم، مخرجٌ سينمائي يحظى باحترام صُناع الأفلام المُعاصرين، من مارتن سكورسيزي إلى ستيفن سبيلبرج، ومن فرانسيس فورد كوبولا إلى كوينتين تارانتينو، ومن جون وو إلى كلينت إيستوود.
ويتوّجه المعرض إلى كلّ من يرغب في اكتشاف عمل سيرجيو ليوني، كما أولئك الذين يعرفون كلّ لقطاته عن ظهر قلب. وتسعى مسيرة التجوال في جنبات المعرض، وردهاته إلى الحفاظ على مفاجآتٍ، حتى بالنسبة للزائر الأكثر خبرة، إذ تمّ تصميمه عمداً كمتاهة بهدف تحفيز عقل، وقلب كلّ من يكتشفه. 
يخلط المعروف، وغير المتوقع من الصور القوية، وخداع العين، كما فعل سيرجيو ليوني في كثيرٍ من الأحيان بدءاً "من أجل حفنة دولارات (1964)" 
سوف يكتشف الزوّار علاقةً جديدة بين الممثلين، والمناظر الطبيعية، وكيفيّة خلق زمن يتمدد تدريجياً، والاستخدام الطريف للكلمات، والعمل الدقيق للأصوات، والتواطؤ الفنيّ مع "إنيّو موريكوني" الذي صمّم بعضاً من أشرطة الصوت الأكثر أصالةً، والأكثر تمييزاً في سينما القرن العشرين.
عن هذا الحدث كتب "فريدريك بونو"، المدير العام للسينماتك الفرنسية:
"من خلال إعادة اكتشاف الويسترن ذي الشعبيّة المُتميزة، غيّر سيرجيو ليوني وجه السينما، إذ استقبل الجمهور على الفور انتصارات أفلامه في الوقت الذي لم يدرك النقد أنّ الغرب ليس بالضرورة أن يكون أميركياً طالما أنّه راسخٌ في الخيال العالمي. لكن سيرجيو ليوني سينمائيٌّ عظيمٌ للخيال، كما أنه شعبيّ، وتجريبيّ، مكتشف كلينت ايستوود كما تشارلز برونسون، ولهذا يحظى اليوم على اهتمام صانعي الأفلام من جميع أنحاء العالم بوصفه شكليّاً كبيراً.يقترح المعرض الدخول إلى مختبر مؤلف عبقريّ، واكتشاف ينابيع
سيرته...".