هناك من لا يحبون عزفه !

الصفحة الاخيرة 2019/11/25
...

عبد الجبار العتابي
من غرائب الاسرار التي يمكن سماعها ان هناك الكثيرين من متذوقي الموسيقى لا يحبون عزف الموسيقار منير بشير (1928 - 1997) على العود !!، ولا يجدون في عزفه ذلك الرقي والابداع الذي يحتفي به وهو صاحب المكانة المميزة والعلاقة الرائعة مع العود والشهرة الواسعة، بدأ الاجهار بهذا، وشهدت سنوات اواسط الثمانينيات من القرن الماضي مثل هذا الكلام الذي وصل الى مسامع الموسيقار منير بشير.
 لكنه لا يتأثر به حيث كان الكثيرون يعلنون ويجاهرون انهم لا يفهمون شيئاً من عزفه او انهم لا يحبون عزفه ولا يطربون له بالمقارنة مع عزف شقيقه جميل بشير (1920 - 1977)، بل انهم يزيدون على ذلك بقولهم ان عزف منير بشير لا ينسجم مع رغباتهم ولا يتعاطف مع حاجاتهم!!، حتى ان الامر وصل الى حد اتهامه بـ (الضلالة وشق الطاعة!!) حتى بات الامر مزعجاً للكثير من عشاق منير الذين يجدون فيه عازفاً بارعاً ويمتلك عقلية عبقرية. 
وقد انبرى الناقد الموسيقى الراحل سعاد الهرمزي (1927 – 1998) للدفاع عنه قائلاً:  {عازف خطير ان لم يكن من اخطر العازفين على 
الاطلاق}.
موضحاً {ان فن منير بشير في اصابعه وفي عقله ايضاً}، وقال ايضاًعن الذين يجاهرون بالقول ضد عزفه انه {كلام صريح وصحيح وقد يكون صادقاً ايضاً، ومنير بشير نفسه لا تركبه الدهشة ولا يمتلكه العجب، فكل انسان حر في ان يسمعه او لا يسمعه}، ودافع الهرمزي عنه بشكل كبير ومثير راداً الاتهامات عنه {الخلاف.. في العقل المدبر الذي يملكه منير بشير ولا يملكه البعض.. هوة سحيقة، وتنافر في الفهم وتقاطع في الرؤية، الكثيرون لا يحبون عزف منير بشير لهذا السبب، يمكن ان يكون حاجزاً بين من يملك العقل المدبر وبين من لا يملكه ،او بين من يملك ذلك العقل وبين
من لا يملك الانصفه}. 
لذلك استأنسنا برأي الباحث والناقد الموسيقي علي عبد الامير عجام لتوضيح ذلك فقال : القضية ليست قضية حب أم لا،؟ 
بل قضية أسلوب ومفهوم، فالراحل الكبير كان يؤكد على أسلوب الارتجال دون غيره بوصفه أصل الموسيقى العربية والشرقية ليس في العزف وحسب، بل في رفضه التدوين الموسيقي للأشكال التقليدية والتراثية، حتى انه كان يرفض اسلوب الدراسة الموسيقية الحديثة، فضلاً عن كراهيته غير المعلنة بوضوح
للأشكال الموسيقية المعاصرة وفكرة التأليف الذي يمزج بين موسيقى الشرق والغرب. واضاف: عزف منير بشير قوي ومؤثر، لا أحد ينكر هذا لكنه يظل محدود التأثير وفق قالب شبه ثابت بدا مخالفاً لروح العصر الاتصالية ما بين الفنون والثقافات وتابع: اليوم صارت الموسيقى العربية المعاصرة في الغرب جزءاً من ثقافة موسيقية اتصالية وهو ما كان الراحل يرفضه بقوة ورأيه محترم ومقدر في هذا الجانب.