أسعار النفط الخام على طاولة الخبراء

اقتصادية 2020/04/23
...

بغداد/ الصباح
 

طالب خبراء ومختصون في الشأن الاقتصادي، الحكومة بأن تكون لديها أوراق تعالج انخفاض أسعار النفط في الأسواق العالمية لتقليل تأثيرها على الاقتصاد العراقي المعتمد بنسب كبيرة على الايرادات النفطية في بناء موازنته الاتحادية، فيما حددوا أربعة أسباب وراء الانخفاض اسعار نفط غرب تكساس وخام برنت. رئيس مجلس الأعمال الوطني داود عبد زاير قال: إنّ "الاخفاقات الاقتصادية في العراق يجب ان تعالج من خلال امتلاك الحكومة الجديدة لاوراق تعالج الاعتماد المفرط على النفط الخام في تمويل الموازنة الاتحادية"، لافتا الى "اهمية أن تشكل لجنة متخصصة لدراسة العقود النفطية في جولات التراخيص، بالشكل الذي لا يؤثر سلبيا في البلاد". 

ولفت الى "أهمية خلق فلسفة جديدة لإدارة الدولة، ولا بدّ أن نعمل وفق خطط مرسومة وبموجب نهج وطني، في كل وقت وليس حين حدوث الازمات، إذ يجب ان تذهب واردات النفوط الى صناديق سيادية تأتي بموارد جديدة الى البلاد".
 
أسعار النفط
تعافت العقود الآجلة لخام برنت يوم الأربعاء من أدنى مستوى لها في أكثر من 20 عاما وقفزت عقود الخام الأميركي بدعم من أحاديث مبدئية عن تخفيضات إضافية للإمدادات من منتجين في أوبك، وزيادات في المخزونات الأميركية جاءت أقل ترويعا مما توقع البعض.
وشهدت تداولات النفط أكبر تقلبات على الأقل في الأيام القليلة الماضية. وتستحكم تخمة متنامية في المعروض على الأسواق مع هبوط حاد في الطلب وسط أوامر من الحكومات حول العالم إلى الناس بأن يلزموا منازلهم لوقف انتشار فيروس كورونا المستجد.
وأنهت عقود برنت جلسة التداول مرتفعة 1.04 دولار، أو 5.4 بالمئة، لتبلغ عند التسوية 20.37 دولارا للبرميل. وفي وقت سابق من الجلسة هبط خام القياس العالمي إلى 15.98 دولارا وهو أدنى مستوى له منذ يونيو حزيران 1999.
وصعدت عقود خام القياس الأميركي غرب تكساس الوسيط تسليم يونيو حزيران 2.21 دولار، أو 19.1 بالمئة، لتسجل عند التسوية 13.78 دولارا للبرميل.
 
الأدوات الماليَّة
ويقول الخبير في الشؤون النفطية عمرو هشام في تصريح لـ "الصباح": إنّ التراجع بأسعار النفط جاء بسبب تطور الأدوات المالية"، لافتا الى أن "ما يحدد السعر ليس العرض والطلب والتوقعات وإنما جزء منه للمضاربات والمضاربين".
واضاف: ان "هؤلاء المضاربين كانوا امام خيارين اما يتسلموا نفطهم بسبب امتلاء الخزانات جميعها في العالم او الاضطرار ببيع النفط باي سعر مما جعل الاسعار تتهاوى الى هذا المستوى".
واشار الى ان "هناك أربع أسباب وراء الانهيار الكبير والمفاجئ لنفط تكساس الاميركي؛ الاول تطور الادوات المالية، والثاني للاستثمار والمضاربة، والثالث يعود الى امتلاء الخزانات في الدول الخزنية الكبرى الولايات المتحدة والصين والهند وكوريا الجنوبية، والرابع الحرب السعرية التي بدأت قبل شهرين أي ما قبل اتفاق اوبك بلس".
وأوضح، أنه "بسبب حرب الأسعار امتلأت القدرات التخزينية للولايات المتحدة والصين والهند وكوريا الجنوبية"، لافتا الى ان "الولايات المتحدة بدأت تخزن النفط تحت الارض في مناطق صخرية وبآبار غير مستعملة ومحكمة وليس فيها قابلية نفاذية".
 
قدرات تخزينية
لفت الى أن "الناقلات النفطية التي تستخدم كقدرات تخزينية قبل الازمة الراهنة كان يبلغ الايجار فيها 30 الف دولار في اليوم، اما بعد هذه الازمة وصل الايجار الى 200 الف دولار في اليوم والسبب يعود الى امتلائها بالنفوط، مما أثر وانعكس سلبيا على خام برنت"، مبيّنا أنّ "النفط العراقي مرتبط بأسعار برنت الاميركي منقوص منه بعض
 الدولارات".
وأكد أنّ "هذه الفترة تشهد تذبذبات مستمرة بأسعار النفط لحين دخول اتفاق اوبك حيز التنفيذ، ففي حال التزام روسيا والصين في أول أسبوعين من شهر ايار بخفض الانتاج ستتحسن الاسعار بشكل طفيف وتدريجي ربما تصل الاسعار الى اكثر من 20 دولارا، ومن ثمّ الى 30 دولارا وأعلى منه بقليل"، لافتا الى ان "الازمة ستستمر لحين زيادة الطلب على النفط بعد تراجع المخزونات النفطية".
وبيّنَ أنّ "العراق لم يتعظ من الازمات التي شهدتها أسواق النفط العالمية في السنوات السابقة، مشيرا الى ان هناك مقترحا كان مقدما الى الحكومة بإنشاء صندوق احتياطي سيادي يتم اللجوء اليه في الازمات كما في دول الخليج الذين لديهم صناديق سيادية يلجؤون اليها في مثل هكذا ظروف".
 
الآبار النفطيّة
بدوره، أكد "المختص بالشأن الاقتصادي حازم هادي في تصريح لـ "الصباح": أن "تدهور أسعار خام تكساس الاميركي بهذا الهبوط الحاد سيكون تأثيره بشكل كبير على الوضع الاقتصادي في الولايات المتحدة، لانه سيحدث فائضا كبيرا جدا بالاسواق، باعتبار الابار النفطية الاميركية جميعها تعتمد على الخليج الاميركي والذي يأتي عن طرق المنصات البحرية في الولايات المتحدة".
واضاف، ان "الرئيس الاميركي حاول معالجة الازمة من خلال استعداده لشراء 75 مليون برميل لانقاذ الوضع"، لافتا الى ان "استمرار تراجع أسعار النفط الخام ستكون لها انعكاسات على الاقتصاد العراقي والذي سيؤدي الى زيادة العجز بالموازنة الى نحو 40 بالمئة ويجعل الموازنة العامة موازنة رواتب لاغير".
واشار الى ان الحكومة أكدت عدم تأثر رواتب الموظفين بهذا التراجع المفاجئ باسعار النفط، الا انه سيكون له تداعيات سلبية في الوقت الراهن على الاقتصاد العراقي وعمليات التنمية والبنى التحتية وجميع المشاريع ستتوقف لعدم وجود سيولة مالية كافية للتمويل.
 
منافسة شديدة
خبير الطاقة الدولي د.فلاح العامري قال: "بالرغم من أن الصين بدأت تشغل بعض مصافيها الى طاقتها الكلية وهذا يزيد من الطلب داخل الصين، ولكن هناك منافسة شديدة بين العراق والسعودية والإمارات والكويت فضلا عن روسيا لسد الطلب على الصين، الاول ان الصين تستمر بالاستيراد لكون النفط رخيصا فتقوم بزيادة الخزين الاستراتيجي، فضلا عن نمو استهلاكها وهذا يعني ان هذا سوف لن يؤثر على صادراتها من العراق التي تقريبا تتراوح بين 750-850 م ب ي".
وبيّنّ أنّ "الصين وصلت كامل طاقتها الخزنية في كلّ أنحاء الصين، فهذا ربما يجعلها تقلص من الاستيراد وعندئذ تبدأ بالمفاضلة بين زبائنها المفضلين والمقربين لها سياسيا، وبالتأكيد سوف تكون لصالح النفط الروسي الذي يصدر لها عن طريق أنبوب نفط ممتد من حقول سيبيريا، وربما يأتي العراق بالدرجة الثانية بسبب العلاقة القوية بين الشركات النفطية الصينية وشركات وزارة النفط، وان الضرر الذي ربما يأتي في اشكالية تسويق النفط العراقي هي الهند بسبب محدودية الخزن وبعض شركاتها متخصصة بالنفط الثقيل".
 
عقود التداولات
مدير عام تسويق النفط سومو السابق احمد الجبوري تحدث عن اسباب الانهيار في اسعار العقود الآجلة للنفط الخام الاميركي وسيط غرب تكساس وقال: "في السوق النفطي العالمي توجد ثلاث انواع معيارية من عقود التداولات، أهمها العقود الفورية أي التسليم الفوري للكميات بأسعار تحدد فوريا، والعقود الآجلة اي يتم إبرام عقد بين البائع والمشتري على تسليم شحنة من النفط الخام بتاريخ اجل (قد يكون من شهر الى ثلاث أشهر او أكثر بحسب الاتفاق)، وبحسب سعر السوق في تاريخ التسليم المتفق عليه، وكذلك العقود المستقبلية وهي تداولات 99 بالمئة منها ورقيّة وليست براميل خام حقيقية يتم بموجبها التزام تعاقدي بين البائع والمشتري على عدد براميل بتاريخ تسليم مستقبلي، وتحدد الفترة حسب الاتفاق وتتجاوز 12 شهراً واكثر من ذلك".
وتابع في النوع الاول المذكور كما بيّنا يتم تداول حقيقي لبراميل نفط خام، اما في النوعين الثاني والثالث فيتم اصدار عقود تسمى عقود ورقية، كل عقد بعدد براميل تساوي الف برميل وتبقى هذه العقود من تاريخ تحريرها ولغاية تاريخ استحقاقها تتداول بشكل يومي بيع وشراء بسن المتعاملين مقابل تسويات مالية قد تحقق ربحا او خسائر حسب سعر السوق، والهدف منها هو المضاربة من قبل المتداولين بحسب سياسة التداول في السوق الاميركي يكون تاريخ الاستحقاق للعقود هو بين 23 الى 25 من كل شهر (في بعض الايام تحدث عطلة نهاية الاسبوع يومين)، بحيث يكون يوم 26 من كل شهر هو يوم لتداول عقود جديدة في السوق.
على سبيل المثال نحن اليوم 20/ 4/ 2020 عقود التي تتداول في السوق والتي قرب تاريخ استحقاقها هي عقود تسليم شهر آيار، اي بعد يوم 26/ 4/ 2020 سوف لن يكون بالامكان تداول عقود شهر آيار كونها اصبحت واجبة التسليم، فعند ذلك الشخص الاخير الذي اصبح مالكا للعقد لا بدَّ من ان يعود الى الشخص الاول الذي اصدر العقد ويعمل معه تسوية عقدية، وهذه التسوية تكون على شكلين اما يقوم البائع الاول بتسليم من يمتلك العقد عدد البراميل وحسب عدد العقود، او يتفق على تسوية مالية من خلال مقارنة بين سعر بيع البرميل المثبت في العقد مع سعر البرميل في السوق بتاريخ الاستحقاق، ومن ثمّ المالك الأخير للعقد اما يربح او يخسر،، وكذلك البائع الاول للعقد في تاريخ الاستحقاق اما يربح او يخسر وحسب سعر 
السوق.
 
تراجع الطلب
هذه الحالة ستتكرر كلّ شهر في تاريخ استحقاق العقود الآجلة ما دامت اوضاع السوق الحالية مستمرة والتي تتمثل بزيادة مستويات الخزين وتراجع الطلب، وتنحسر هذه الحالة مع مرور الوقت عندما تقل رغبة المتداولين في التداول بالعقود الآجلة والمستقبلية، فبعد هذه الخسائر الكبيرة سيتجه اصحاب رؤوس الاموال والمضاربين للاستثمار في البدائل الأكثر أماناً في الموجودات الثابتة كالذهب والمعادن والاسهم والسندات خالية 
المخاطرة.