مخارج غير اقتصادية

اقتصادية 2020/04/26
...

محمد شريف أبو ميسم
 
كثرت في الآونة الأخيرة المقترحات المتعلقة بالشأن الاقتصادي عبر وسائل الاعلام وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، من بعض الساسة وبعض الاعلاميين، بشأن ايجاد مخارج للأزمة المالية الناجمة عن انخفاض أسعار النفط، ولاقت بعض تلك المقترحات رواجا على "السوشيال ميديا" في وقت بات الحديث يدور عن موازنة نصف سنوية في ظل تعسر ولادة الحكومة، بجانب تصاعد الأقاويل والتسريبات بشأن ضغط النفقات الحكومية وتأجيلات محتملة في دفع نسب من أجور ومخصصات الوظائف العامة.
بيد ان اللافت في هذه المقترحات هو الرواج المتعمد للبعض منها - الذي لا يستند على قاعدة قانونية أو مسوغات اقتصادية - والترويج لها بوصفها حلولا ممكنة وناجعة، خصوصا ما يتعلق منها بالاستعانة بالاحتياطي النقدي في البنك المركزي، والتي أخذت صدى غير مبرر لدى بعض الاعلاميين، فهذا يدعو لتوظيف ستة مليارات دولار من الاحتياطي النقدي لبناء مرافق البنية التحتية من خلال عقود مع شركات أجنبية بهدف تجنب الهدر في الأموال واختزال حلقات الترهل وتشغيل الأيدي العاملة، وكأن المركزي مسؤول عن تنفيذ البرامج الحكومية، وذلك يدعو لبيع احتياطي الذهب، وآخرون يطبلون لطبع المزيد من النقد المحلي، وسواها من المقترحات التي وجدت ترحيبا واسعا لدى رواد مواقع التواصل بفعل تكرارها من بعض المشتغلين في الساحة الاعلامية.
الأمر الذي يقتضي تدخلا توعويا من اعلام البنك المركزي عبر بيان يميط اللثام عن بعض هذه التقولات التي تمهد لصناعة رأي عام ضاغط من خلال التأثير في العقل الجمعي ومناقلته بالاتجاه غير الصحيح بهدف التمهيد للقبول بفكرة التدخل بالسياسة النقدية، بدعوى أهمية تحريك الاحتياطي النقدي بوصفه رصيدا ماليا يصنف في خانة الملكية العامة ويمكن استخدامه عند انتشارالأوبئة بشكل استثنائي، بينما تكمن أهمية هذا الاحتياطي في تحقيق الاستقرار النقدي الذي يضمن للطبقات الفقيرة عدم التعرض لمعطيات التقلبات السعرية ويسهم في خلق بيئة ضامنة للاستثمارات وفي دوران عجلة الاقتصاد، علاوة على انه يجنب البلاد والعباد تضخما نقديا في حال ضخ المزيد من الكتلة النقدية المحلية في ساحة التداول.
ومن الأهمية بمكان التذكير بمبادرة المركزي الخاصة بدعم المصارف المتخصصة وصندوق الاسكان لتقديم القروض لمشاريع القطاعات الحقيقية، مع مبادرة الواحد مليار دولار الخاصة بالمصارف الأهلية لدعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وتفعيلهما بجدية بما يضمن أولوياتهما المتمثلة بتقليل حلقات الترهل في آليات منح القروض، وبما يسهم في وصول الأموال بيسر للمستهدفين بها بأسرع وقت بهدف تدوير عجلة الاقتصاد الكلي وتجنب حالة الركود، بينما سيكون لاعادة النظر بآليات مزاد بيع الدولار بهدف تمويل التجارة الخارجية التي تلبي احتياجات السلع الأساسية وحسب، واستبعاد السلع الكمالية والأثاث والسلع المعمرة وسواها التي لا تدخل في تدوير عجلة الانتاج في هذا الوقت الاستثنائي، بهدف التقليل من استنزاف الاحتياطي بالتزامن مع انخفاض الايرادات الحكومية من العملة الصعبة جراء انخفاض اسعار النفط، وبما يضمن استمرار بقاء الاحتياطي في حدود المعايير الدولية التي تجنب البلاد شرور تعويم محتمل للعملة على المدى القصير بدعوى انخفاض مستوى الاحتياطي الى ما دون ذلك.