دمج العمالة غير الرسميَّة

اقتصادية 2020/05/08
...

د. باسم الابراهيمي
 

يعدُّ الاقتصادي "جوتمان" أول من تناول فكرة دمج أنشطة العمالة غير الرسميَّة في الاقتصاد الرسمي، إذ لفت الانتباه إلى أهمية ذلك في أبحاثه وأشار إلى أنَّ المعاملات الاقتصاديَّة التي لا يتم تسجيلها ضمن حسابات الناتج القومي تشكل نسبة مهمة من إجمالي ذلك الناتج، ويعرف الاقتصاد غير الرسمي بأنه جميع الأنشطة الاقتصاديَّة التي يمارسها الأفراد أو المؤسسات ولا يتم إحصاؤها بشكل رسمي، أي انها لا تدخل في حسابات الناتج القومي، وبالتالي لا تخضع للضريبة ولا يخضع العاملون فيها لنظام الضمان الاجتماعي، وهنا لا بدَّ من الإشارة إلى اختلاف الاقتصاد غير الرسمي عن الاقتصاد الأسود (الإجرامي)، فالأول أنشطته جميعها مشروعة لكنها غير مسجلة ضمن حسابات الناتج مثل عمال البناء بالأجر اليومي أو أصحاب (البسطيات)، وعلى العكس من ذلك فإنَّ الاقتصاد الأسود أنشطته جميعها ذات طابع إجرامي كالاتجار بالبشر والمخدرات.
وتزداد نسبة العمالة غير الرسمية في الدول النامية، إذ تشير الإحصاءات الى أنَّ العمالة غير الرسميَّة تمثل نحو 60 بالمئة في منطقة آسيا والمحيط الهادئ من العمالة غير الزراعية، أي أعلى من نسبتها في أميركا اللاتينيَّة وأوروبا الشرقيَّة، وتتراوح بين نحو 20 بالمئة في اليابان وأكثر من 80 بالمئة في ميانمار وكمبوديا، ومن المرجح أنْ يكون العاملون في القطاع غير الرسمي من أسر فقيرة، وتزيد هذه الاحتمالية بمقدار الضِعْف مقارنة بالعاملين في القطاع الرسمي، وبينما تستفيد بعض هذه الأسر الفقيرة من برامج التحويلات الحكوميَّة، تظل هناك مشكلة في نطاق التغطية ومدى كفاية المزايا المتاحة لمواجهة صدمة فيروس كورونا.
لقد أشارت وزارة التخطيط في العراق الى شمول قرابة عشرة ملايين عراقي بمنحة طوارئ مواجهة أزمة كورونا لمن لا يمتلكون دخلا وكذلك من غير المشمولين بمنحة بشبكة الحماية الاجتماعية، وهذا يشير بشكل تقريبي الى وجود نسبة مهمة من العمالة غير الرسمية في العراق قد تصل الى قرابة 33 بالمئة من إجمالي قوة العمل، وهنا لا بدَّ من الإشارة الى أهمية دمج هذه العمالة في الاقتصاد الرسمي من خلال وضع ستراتيجيَّة تتضمن بعض التشريعات الخاصة بذلك، فضلاً عن معالجة المعوقات التي تؤخر دمجهم من قبيل معوقات تسجيل الشركات 
الصغيرة.