ثامر الهيمص
تتعاظم اهمية الغذاء من الناحية التجارية بعد ازمتي النفط وكورونا؟ لا شك في ذلك، اذ ان كلا الامرين سيكونان مهيمنين في تقرير السياسات الاقتصادية في الافق المنظور، نظراً لتعدد مراكز السيطرة في القرار ولا انفراد واحتكار له بعد تراجع اوبك وتنافس الدول في ايجاد لقاح للجائحة.
الواقع الفعلي في السياسات الغذائية هو ان 85 بالمئة من الاستهلاك الغذائي يتم عبر الناتج المحلي وتتقدمه الدول الصناعية ووضع الصين مقبول ومتواضع لبقية آسيا واميركا اللاتينية وكارثي في افريقيا، هذا الامتياز للدول الصناعية دفعها الى تحويل باقي الدول الى الاعتماد على التجارة معها، (د. سمير امين /مستقبل الزراعة ) انعكس هذا الحال علينا اقليمياً في ضوء التفاوت في التصنيع والاقتصاد الريعي، فجيراننا يتنافسون على التصدير الينا بعشرات المليارات من الدولارات سنوياً، وهذا طبيعي في عالم العرض والطلب بل مشروع وهكذا استبيحت منافذنا الحدودية. ففي تصريحات صحفية لرئيس هيئة المنافذ الحدودية نهاية شباط الماضي افاد بان موارد المنافذ السنوية تقدر بـ 10 مليارات دولار ، لكن المتحقق منها مليار دولار بسبب آليات العمل غير الدقيقة في معظم المنافذ الحدودية في المركز والاقليم، وبما ان سياجنا الجمركي لم يحقق حتى رسم بريمر البالغ 5 بالمئة من قيمة المستورد الذي هو ورقة التوت فان الامر جسيم. ولذلك واستجابة لهذه الحالة سمعنا عن حرق سنوي في موسم الحصاد للحنطة والشعير، وفي موسم التسويق نسمع عن تهريب الحنطة من دول الجوار لتباع كحنطة او شعير عراقيين وهذا حصاد المنافذ المشرعة او تدمير الثروة السمكية في اقفاصها في الفرات الاوسط او الحيلولة دون اقامة مشاريع البان او للثروة الحيوانية او تحجيم الصناعة الوطنية ما اضطر المعامل الحكومية الى التوسل لدوائر الدولة من اجل شراء منتجاتها.
هذا التحدي لا يحسمه كتابنا وكتابكم، لذلك وفي ضوء تباشير وزارة الزراعة باننا لا نحتاج للاستيراد بالنسبة للمحاصيل الستراتيجية وانها تحمي 25 منتجاً زراعياً وحيوانياً، علينا تذكر ان الامطار الموسمية كانت اساسية ما يحفزنا لحسم ملف المياه، لذلك علينا ان نشرع في مفاوضات جاده لعملية تكامل،لا سيما واننا في الافق المنظور سيكون استثمارنا ليس ملبياً للطموح، فبالنسبة للغذاء كعنوان سيادي يجب رفع اداء منافذنا، ولابد من مشاريع مشتركة متكاملة في العناصر الغذائية من البان وثروة حيوانية ومحاصيل ستراتيجية، كل يسهم بما يتميز وينفرد به سواء في الخصوبة ووفرة المياه والمستوى التقني، وهذا يجعل ملف المياه ايسر عملياً وفق المواثيق الدولية للدول المتشاطئة. ولعل ما يدفع للتكامل في الانتاج الزراعي والحيواني هو ان الريع النفطي العراقي ستبتلعه او تحجمه القروض الداخلية والخارجية، فعندما نتكامل مع جيراننا اقتصادياً ومع الاقتصادات الكبرى والصين سيصبح طريقنا سالكاً لتنمية مستقرة اقليمياً.