بسماية.. مشروع مدينة

اقتصادية 2020/05/10
...

محمد شريف أبو ميسم
 
ينص العقد المبرم بين الهيئة الوطنية للاستثمار وبين "الطرف الثاني" بوصفه المشتري للوحدة السكنية في مشروع مدينة بسماية على "رغبة الطرف الثاني بالحصول على شقة سكنية ضمن مشروع مدينة".  والمدينة هذه بحسب ما أعلنته الهيئة وأعلمت به عموم الجمهور والمشترين عبر بياناتها واعلاناتها وموقعها الألكتروني، مكونة من مئة ألف وحدة سكنية، مع مركز أعمال في وسط المدينة يضم الأسواق التجارية والمرافق العامة والمنشآت الخدمية والترفيهية، على شبكة من البنى التحتية المتطورة، والشوارع والساحات والحدائق العامة، وتربط المدينة بوسط العاصمة بغداد عبر طريق سريع، وبحسب الهيئة أيضا "فانها ستملأ حياة 600 ألف عراقي بالسعادة وستكون من اكثر المدن تميزا في العراق ومنطقة الشرق الاوسط واول مشروع عملاق من مشاريع برنامج الإسكان الوطني".
وعلى هذا الأساس تسابق أكثر من ستة عشر ألف مشترٍ، للحصول على وحدات سكنية في مدينة الأحلام كما يحلو للبعض أن يسميها، وكان سعر المتر المربع الواحد 630 دولارا أميركيا، وهو سعر عال، ولكنه ينسجم مع ما ستقدمه هذه المدينة من سعادة للساكنين على أمل انهاء العمل بها في العام 2025 . 
ونتيجة للارباكات والتجاذبات السياسية التي شهدتها بلادنا، تعثر تمويل المدينة عبر الموازنة العامة، فكان الحل الناجع أن تقوم المصارف الحكومية بشراء الوحدات المنجزة، ثم تقوم ببيعها للمواطنين بالتقسيط وبضمان الوحدة السكنية لصالح المصرف بعد دفع مقدم مالي من قبل المشتري، وبذلك استطاعت المصارف المشاركة في هذا المشروع أن تسهم في دعم عملية البناء وتحقيق أرباح مجزية، بعد رفع نسبة الفائدة على المشتري الى 4 بالمئة، ومع ذلك استمر بيع الوحدات السكنية بشكل منتظم وكانت أعمال الشركة تسير على نحو يبشر بولادة المدينة بعد أن تم انجاز أكثر من 30 بالمئة من الوحدات السكنية. الا ان ثمة أمر غير واضح، أحيط بهذا المشروع هذه الأيام بدعوى تداعيات جائحة كورونا وانخفاض اسعار النفط، وتسبب بقلق كبير لدى الساكنين على اثر تصريحات للنائب طه الدفّاعي، وما نقلته بعض وسائل الاعلام بشأن توقف عمل الشركة المنفذة لهذا المشروع وتسريح العاملين، بعد قرار حكومي يقضي بايقاف عملها نهائيا بحسب بيان للنائب. الأمر الذي أثار الحيرة بين اصرار حكومة "تصريف أعمال" على ايقاف عمل الشركة الكورية بشكل كلي بدعوى عدم توفر السيولة المالية، في وقت يقوم المشترون بتمويل مبالغ الشراء دون تدخل للدولة، وبين استعداد الشركة الكورية على تقديم كل التسهيلات من أجل استمرار العمل ولو بشكل جزئي، أو بأي شكل تحدده الحكومة، بحسب الدفاعي.
ان من أهم تداعيات هذا القرار الذي سيوقف العمل في أكبر مشروع سكني في البلاد هو اعادة حالة عدم الثقة الى صدارة التعامل بين الجمهور ومؤسسات الدولة العراقية، بعد أن استطاعت الهيئة الوطنية للاستثمار أن تعيد هذه الثقة على مدار سنوات من الحرص والعمل الجاد في هذا المشروع، ما سينعكس على تفاعل الساكنين بشأن التزاماتهم بوصفهم مدينين بعد أن أخل الطرف الأول بالتزاماته التي جاءت في عقود البيع، في وقت لم يصدر عن الهيئة أي بيان بهذا الشأن لتوضيح اللبس. والأمل معقود على الحكومة الجديدة للنظر عاجلا في أمر هذا المشروع الحيوي، واثبات التزامات الجانب العراقي اتجاه شركة هنوا الكورية التي وضعت على الأرض أربعة عشر مصنعا عملاقا وأوفت بالتزاماتها في نوعية العمل وفي توقيتاته.