سعد الطائي
أدى التوقف عن الإنتاج للمدة الماضية في جميع المصانع العراقية، بسبب الإجراءات الاحترازية المعمول بها عن طريق فرض حظر التجوال تحسباً من انتشار الوباء العالمي (كورونا)، الى هبوط كبير في كميات السلع والخدمات المقدمة من قبل هذه المصانع، الامر الذي تسبب بالاعتماد على المنتجات المستوردة، وبشكل مضاعف عما كان قبلاً مع ما يحمله هذا الاعتماد من اضرار بالصناعة المحلية وزيادة أسعار المنتجات المستوردة اضعاف ثمنها الأصلي بسبب هذه الظروف غير الطبيعية.
فالاعتماد على المنتج الأجنبي موجود اصلا حتى في ظل الظروف الطبيعية التي كانت سائدة قبلاً الامر الذي يؤشر خللاً كبيراً يجب العمل على تلافيه مستقبلاً، فالأمن الغذائي والأمن الصناعي والأمن الإنتاجي في الدول، الذي يتوافر فقط في حالة اعتماد الدول على طاقاتها الإنتاجية وامكاناتها الصناعية والزراعية لا يقل بأي حال من الأحوال عن الأمن الصحي.
فيفترض من الجهات المختصة العمل على وضع خطة متكاملة للنهوض بالواقع الإنتاجي للمصانع العراقية بمختلف أنواعها وبمختلف اختصاصاتها والعمل على زيادة الإنتاجية التي تقدمها والتخلص من المشكلات وإزالة العراقيل التي تواجهها سواء الفنية منها أو التمويلية أو الإدارية أو التنظيمية أو غيرها، فضمان الكثافة الإنتاجية ضرورة لازمة من اجل تحقيق الامن الصناعي المستمد من الكفاية والفائض الإنتاجي، وهو احوج ما تكون اليه الدول في الظروف الطبيعية، فكيف إذا حلت بها ظروف طارئة أو غير طبيعية.والخطة التي يفترض ان توضع لتطوير مستويات إنتاجية المصانع العراقية يجب أن تأخذ بعين الاعتبار اهم الأولويات التي يجب ايلاؤها الأهمية القصوى، والتي يجب أن تكون في رأس الاهتمامات للنهوض بالمستوى الإنتاجي، ويجب العمل ضمن استراتيجية متكاملة وجديدة ومبتكرة تستوعب الدروس المستقاة من هذه الازمة، وأن يتم تنظيم العمل وفقاً للمدارس الحديثة في الادارة، التي تراعي عاملي المهارة الفائقة، والتكنولوجيا الكثيفة المستخدمة في العملية الإنتاجية وضرورة التخلص من المشكلات المصاحبة للعملية الإنتاجية سواء الأساليب الإدارية القديمة التي اثبتت فشلها وعدم تكيفها مع التطورات الحاصلة في المجال التكنولوجي حالياً أو مشكلة البطالة المقنعة وما يصاحبها من اهدار للطاقات البشرية وعدم استثمارها بالصورة الصحيحة. إن العمل على استراتيجية متكاملة للنهوض بإنتاجية المصانع العراقية يعد من الضرورات الفائقة الأهمية، لا سيما في الوقت الراهن، من اجل العمل على توفير وتلبية الطلب المحلي للسلع والمنتجات الغذائية أو الصناعية بمختلف أنواعها، فهو الى جانب كونه نهوضاً بقطاع اقتصادي حاسم واستراتيجي ومحرك للاقتصاد الوطني، فهو كذلك يعد قطاعاً كبيراً لاستيعاب الكثير من الايدي العاملة وما يمكن ان تقوم به هذه القوى الإنتاجية في تحريك العجلة الاقتصادية في بلدنا، فضلا عما يقوم به من دور مهم واساس في توفير الامن الصناعي للبلد عن طريق الاعتماد على الصناعات الوطنية في تلبية الاحتياجات المحلية بمختلف أنواعها، من هنا فانه يتوجب العمل على زيادة إنتاجية المصانع العراقية وتطوير أدائها بالشكل الذي يسهم في إنجاح اقتصادنا الوطني.