الضغوط القصوى قرَّبت بين إيران وفنزويلا وأحرجت أميركا

قضايا عربية ودولية 2020/06/11
...

 
ترجمة: انيس الصفار       
 
 
على مدى الفترة التي استغرقتها جائحة كورونا بقيت إدارة ترامب مثابرة بلا كلل على مواصلة حملتي ضغوطها القصوى ضد إيران وفنزويلا، فراحت تكيل المزيد من العقوبات آملة جعل أحد النظامين أو كليهما ينهار تحت وطأة الثقل المشترك للفيروس من ناحية والقبضة الاقتصادية الخانقة من ناحية أخرى. بيد أن أبرز النتائج المنظورة لهذه السياسة حتى الآن تدل على ان الدولتين قد تقاربتا مع بعضهما واخذتا تنسقان لفضح عجز الولايات المتحدة وكشفه لأعين الملأ.
في يوم الثلاثاء 2/6 وصلت آخر الناقلات الإيرانية الخمس الى فنزويلا مبحرة من امام السفن الحربية الأميركية المنتشرة في البحر الكاريبي. اوصلت هذه الناقلات ما يقدر بنحو 60 مليون غالون من الوقود لإمداد الفنزويليين الذين نضبت عندهم هذه المادة في تحد للعقوبات الأميركية من قبل الدولتين معاً. سخّف وزير الخارجية الأميركي "مايك بومبيو" هذه الشحنة ووصفها بأنها "لن تغطي الحاجة لأكثر من اسبوعين"، ولكن هذا تهوين من واقع الصفقة التي عقدها البلدان بينهما حيث نقلت الطائرات الإيرانية ايضاً قطع غيار وفنيين لإصلاح مصافي النفط الفنزويلية المتداعية، ومن المعتقد ان حكومة "نيكولاس مادورو" قد دفعت الثمن لطهران بسبائك من الذهب تتراوح قيمتها بين 500 و700 مليون دولار، وفقاً لتقارير عديدة بهذا الشأن.
حاولت إدارة ترامب أن توقف الشحنات بالتهديد بفرض عقوبات، وقد اذعنت لذلك ناقلتان أخريان تحملان علم ليبيريا فاستدارتا وقفلتا عائدتين من دون إكمال الرحلة. بيد أن الإدارة اختارت عدم التعرض للسفن الإيرانية بعد تعهد السلطات الإيرانية بالرد على اي تعرض. قدرة إيران على مهاجمة الملاحة النفطية في الخليج، قبل أشهر لا غير من الانتخابات الرئاسية الأميركية، كانت كافية كما هو واضح لردع الرئيس ترامب.
كانت النتيجة نصراً دعائياً للحكومتين الفنزويلية والإيرانية اللتين لم تبديا أية علامات على قرب رضوخهما للضغط الأميركي او الانهيار تحت وطأة الاضطرابات الداخلية، بل يبدو أن هناك المزيد من التعاون آت في الطريق، فقد قال مادورو إنه يعتزم زيارة طهران قريباً، كما عين مؤخراً طارق العيسمي، الذي يعد حليفاً رئيسياً لإيران، وزيراً للنفط.
في الشهر الماضي صرح الأدميرال "كريغ فولر" رئيس القيادة الجنوبية للولايات المتحدة بأن الاتصالات الإيرانية الأخيرة مع فنزويلا قد شاركت فيها قوة القدس، وهي وحدة عسكرية منتخبة كان يتولى قيادتها الجنرال قاسم سليماني الذي قتل بضربة وجهتها طائرة أميركية مسيرة في شهر كانون الثاني. قال الادميرال فولر أن هدف إيران من العملية كان "كسب امتياز موقعي في مناطق جوارنا على نحو يضر بالمصالح الأميركية."، على حد تعبيره.
يقول المسؤولون الأميركيون أنهم لن يسمحوا باستمرار وصول امدادات الوقود الإيرانية الى فنزويلا على نحو منتظم، وليس من الواضح بعد إن كانت لدى الإيرانيين القدرة على مواصلة ذلك بعد أن خففت السلطات القيود التي فرضت بسبب الوباء وأخذ الإيرانيون يعودون الى الشوارع بسياراتهم. بيد أن تعزيز التحالف بين الدولتين بحد ذاته يكشف الجانب السلبي لسياسات ترامب الهادفة الى تغيير الأنظمة وعجزها عن تحقيقه او حتى عن احتواء الارتدادات العكسية المحتومة.  
 
 عن صحيفة واشنطن بوست