البرنامج الحكومي وتحديات المرحلة المقبلة

اقتصادية 2020/06/28
...

 احمد الحسيني 
لا شك ان الاحداث المتسارعة اليوم تلقي بظلالها بشكل او باخر على مجمل النشاط الاقتصادي، وما تشهده المنطقة اقليميا من المتغيرات الجيوسياسية والعسكرية التي قادت الى التأثير في سير مجمل النشاط الاقتصادي في العراق، خصوصا وان العراق استطاع بعد 2017  القضاء على اعتى قوى ظلامية (( داعش ))،
 ويخطط الان للنهوض بواقع الخدمات واعادة اعمار المناطق المحررة، وهناك قطاعان لو نظرنا اليهما (( قطاع الخدمات و قطاع الاعمار والاسكان )) لوجدناهما من القطاعات الجاذبة للأيدي العاملة، ويفترض اذا ما خطط لهما بشكل واقعي وصحيح ان يعملا بعد فترة لا تزيد عن الـ ( 6 ) اشهر على امتصاص فائض قوة العمل من الايدي العاملة ....
لكن هنا يبرز تساؤل مهم ,  هل تخطط الحكومة فعلا لتحقيق هذا الهدف ؟  وللإجابة على هذا التساؤل  لابد من قراءة  ومراجعة البرنامج الحكومي الذي وضعته الحكومة العراقية ووعدت بتنفيذه وفق جداول زمنية، ناهيك عن مراجعة لبعض مؤشرات اداء الاقتصاد العراقي، فقد جاء في المنهاج الوزاري للبرنامج الحكومي – ثالثا – أ , الفقرة الثانية (( الاولوية للمواطن الفقير والمظلوم والامي والمرأة والام والطفل والشاب والشيخ والمقعد والمريض والعاطل والخائف والمهدد ))، وجاء في المادة (3 ) من البرنامج الحكومي (( الاستثمار الامثل للطاقة والموارد المائية )) , اما الفقرة (4) من البرنامج الحكومي فقد جاءت تحت عنوان (( تقوية الاقتصاد ))، والفقرة (5) ركزت على (( الخدمات والتنمية البشرية والمجتمعية )) فكل هذه الفقرات من البرنامج الحكومي تصب في خدمة المواطن والمجتمع اذا ما نفذت في مواعيدها المثبتة في البرنامج الحكومي.
اما من ناحية المؤشرات الاقتصادية فمن خلال القاء نظرة سريعة على بعض المؤشرات الاقتصادية  للأعوام 2017 , 2018 , 2019 يتضح ان السياسات الاقتصادية في العراق لم تتغير كثيرا، فالسياسة المالية للدولة ممثلة بالموازنة العامة بكل تفاصيلها لا تزال بدائية ( موازنة البنود )، ولا تزال تلك الموازنة مثقلة بالعجز المالي ومكرسة للاختلال الهيكلي، اذ تشكل الايرادات النفطية ما نسبته 96 بالمئة من اجمالي الايرادات العامة، ناهيك عن القروض التي تثقل كاهل الموازنة العامة وتسلب حق الاجيال القادمة، كما ان فقرة تنمية الاقاليم فقيرة بتخصيصاتها تريليون دينار فقط , اما القطاعات الاخرى: زراعة ، صناعة، تجارة، التعليم العالي والبحث العلمي، التربية. لا تزال تخصيصاتها خجولة جدا ولا تلبي الطموح، اما من ناحية السياسة الاستثمارية فلا تزال البيئة الاستثمارية في العراق طاردة للاستثمار والتدفقات المالية وخصوصا الاستثمار الاجنبي , وبحسب اخر تقرير حول مؤشرات بيئة الاعمال         ( Doing Business  ) ,  لا يزال العراق في المرتبة (165) دوليا بالرغم من المحاولات الحثيثة من قبل حكومتي السيد العبادي والسيد عادل عبد المهدي لتحسين الواقع الاستثماري، الا ان مؤشرات الفساد المالي والاداري المضطردة والصراعات السياسية لا تزال تشكل عائقا امام النهوض بالواقع الاستثماري في العراق، وهناك الكثير من المؤشرات الاخرى التي لا يتسع الحديث عنها هنا، ومما سبق يتضح ان هناك نوعين من التحديات يواجهان الحكومة الحالية :- 
الاول: تحديات خارجية متمثلة بالتحركات الجيوسياسية والعسكرية في المنطقة وهذه التحديات لا شك انها ستلقي بظلالها على الواقع الاقتصادي العراقي . 
الثاني: تحديات داخلية متمثلة في الصعوبات والتركة الثقيلة التي تركتها الحكومات السابقة المتعاقبة والمتمثلة في سوء التخطيط وانتشار الفساد المالي والاداري وعدم اتخاذ تدابير حقيقية ورادعة للحيلولة دون انتشار تلك المظاهر، ناهيك عن تدهور الواقع الخدمي وغيرها من المشكلات الاقتصادية والادارية التي ستشكل عملية مواجهتها تحديا صعبا جدا امام الحكومة الحالية .