الوقف السني «يستهجن» تحريم مشاركة المسيحيين أفراحهم

الثانية والثالثة 2018/12/29
...

بطرياركية الكلدان تعده {مفاهيم خاطئة وخبيثة}.. وبابليون تطالب بالاعتذار
بغداد/ الصباح
 
 
اعرب ديوان الوقف السني في العراق، عن اسفه للتصريحات المسيئة بحق الاخوة المسيحيين، التي حرمت المشاركة باحتفالات اعياد ابناء الديانة المسيحية، مؤكدا ان مثل تلك المواقف تعد خارجة عن المعقول والمقبول والمألوف والمعروف، وبينما شجبت البطرياركية الكلدانية في العراق والعالم، فتوى “تحريم” تهنئة المسيحيين بأعياد الميلاد، معتبرة ذلك “مفاهيم خاطئة وخبيثة”، ردت كتلة بابليون النيابية، أمس السبت، على مزاعم حرمة الاحتفال باعياد الميلاد، مطالبة بالاعتذار او المحاسبة قانونيا.
 
 
وكانت الصفحة الخاصة بدار الإفتاء، نشرت عبر “فيسبوك”، منشوراً قالت فيه:  “ان سماحة مفتي الجمهورية الشيخ الدكتور مهدي الصميدعي يقول؛ لا يجوز الاحتفال برأس السنة ولا التهنئة لها ولا المشاركة فيها” وهو الموقف الذي اثار ردود فعل استهجنت مثل تلك الدعوات التي تتنافى وروح المحبة والوئام التي تجمع ابناء الشعب العراقي بمختلف انتماءاتهم ومذاهبهم.
وكتعبير عن حجم الالتحام الذي يجمع العراقيين بمختلف انتماءاتهم، اقدمت الحكومة هذا العام على اعتبار يوم 25 من كانون الاول من كل عام، عطلة رسمية في جميع انحاء البلاد بمناسبة ميلاد السيد المسيح عليه السلام، وهو الموقف الذي لاقى ترحيبا واسعا.
وذكر رئيس ديوان الوقف السني، عبد اللطيف الهميم ، في بيان تلقت “الصباح” نسخة منه 
“تابعنا بأسف عميق التصريحات المسيئة للاخوة المسيحيين من أبناء شعبنا العراقي الكريم في عيد ميلاد السيد المسيح عليه الصلاة والسلام، وهي تصريحات خارجة عن المعقول والمقبول والمألوف والمعروف”.
ولفت الهميم، الى ان “تلك التصريحات لا تمثل ديوان الوقف السني بجميع منابره وأفكاره وتوجهاته في ترسيخ الوحدة الوطنية، التي كان للاخوة المسيحيين السبق في وجودهم التاريخي على أرض الرافدين من خلال ابائهم 
الكلدان والآشوريّين، بحضارتنا التي علّمت أهل الأرض كيف يُمسكون قلماً ويتنفّسون 
هواء الحرية، البابلية والسومرية والأكدية والآشورية، وجنائنه المعلقة، وقصر الإمارة، ومسلة حمورابي، وأسد بابل، وملحمة جلجامش، وشارع الموكب، الذي عبرت فوقه خيول نبوخذ نصر وعربات البابليين”.
وعد رئيس ديوان الوقف السني، مثل تلك التصريحات التي وصفها بـ”الهوجاء وغير الموزونة ولا المنضبطة” أمرا يمكن ان يعيدنا إلى خطاب الكراهية والتحريض والفتنة ورفض الآخر، فضلا عن كونها عاملا يمكن ان يؤدي الى ارباك التعايش المشترك بين العراقيين بجميع شرائعهم وقومياتهم وأطيافهم وطوائفهم ومذاهبهم، عربهم وكردهم وتركمانهم، لافتا الى ان العراقيين شعب واحد تقاسم السرّاء والضرّاء منذ أن تشكلت هوية العراقيّ من الدم المنساب من ألوان الطيف كلها.ولم يبد الهميم، استغرابه من هذه التصريحات التي تصدر عن هؤلاء الأشخاص، لافتا الى ان “مثل هؤلاء”  يُحرّمون علينا الاحتفال بمولد فخر الكائنات وسيّدها نبيّنا الأكرم محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم، لذا نجدهم اليوم يُحرّمون الاحتفال بعيد السيد المسيح عليه السلام.
الى ذلك، أكدت جماعة علماء العراق، أمس السبت، جواز الاحتفال باعياد رأس السنة ومشاركة المسيحيين افراحهم، مشيرة إلى أن مولد النبي عيسى (ع) يعد يوما من ايام الله.
وقال رئيس الجماعة الشيخ خالد الملا في تصريح صحافي: إن “مشاركة المسيحيين في افراحهم واعيادهم توطد العلاقة بيننا وتعزز من اواصر الوحدة الوطنية التي نحن بأمس الحاجة اليها”، مشيرا إلى أن “الجماعة اصدرت فتوى بهذا الخصوص”.
وأضاف الملا، أن “ولادة النبي عيسى عليه السلام، هو يوم من ايام الله وهو امان وسلام وفرح وولادته بحد ذاتها هي معجزة”، مشيرا إلى أن “النبي محمد (صلى الله عليه واله وسلم) كان يذكر النبي عيسى ويعظم من شأنه”.ولفت رئيس جماعة علماء العراق إلى أن “القران الكريم والسنة النبوية الشريفة نظمت العلاقة مع المختلفين معنا بالدين واطلقت عليهم اروع العبارات عندما وصفتهم بأهل الكتاب”.
في السياق نفسه، شجبت البطرياركية الكلدانية في العراق والعالم، أمس السبت، فتوى مفتي العراق مهدي الصميدعي بشأن “تحريم” تهنئة المسيحيين بأعياد الميلاد، معتبرة ذلك “مفاهيم خاطئة وخبيثة”.
وقالت البطرياركية التي يرأسها الكاردينال لويس روفائيل ساكو، في بيان صحافي: ان “المعروف عن رجل الدين من اي دين كان ان يدعو الى الاخوّة والتسامح والمحبة وليس الى الفرقة والفتنة”.
واضافت انه “من المؤسف ان نسمع هكذا ادبيات مستهلَكة بين حين وآخر”، مطالبة “الحكومة العراقية بمتابعة هكذا خطابات ومقاضاة مروّجيها خصوصاً عندما تصدر عن منابر رسمية”.
واعتبرت البطرياركية ان “هذه مفاهيم خاطئة وخبيثة وبعيدة عن المعرفة الصحيحة بالاديان، فشعوبنا اليوم بحاجة الى تعميق القواسم المشتركة بما يُسهم في تحقيق العيش المشترك وليس التخوين والتكفير والحثّ على الكراهية”.
كما ردت كتلة بابليون النيابية، أمس السبت، على حديث مفتي العراق مهدي الصميدعي بشأن حرمة الاحتفال باعياد الميلاد.
وقالت الكتلة في بيان صحافي: انه “وخلال صياغتنا لهذا البيان فما زلنا لا نصدّق فعلاً أن أي رجل دين له صفة رسمية قد يتبنى خطاباً من هذا النوع، في أرض دفع فيها المسيحيون دمهم بسبب هذه الخطابات”.
وبينت “لن نرد من باب الدفاع العقائدي المسيحي لنقول اننا لسنا من المشركين... لن نخبره أننا نردد في كنائسنا فعل الإيمان ونقول: نؤمن بإله واحد خالق السماوات والأرض... لن نعلمه أننا دين توحيدي، سنذكره بآيات القرآن الكريم التي مجدت المسيح ومولده المبارك، (يقول القرآن الكريم “وَإِذْ قَالَتِ الْمَلاَئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاء الْعَالَمِين، اِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ، وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَمِنَ الصَّالِحِين”.
ولفتت الى “اننا كعراقيين وكمسيحيين والمسلمين السنة والشيعة نطالب فوراً إما باعتذار وتوضيح، وإما باستقالة عن المنبر البغدادي العراقي، وإما نعتبره موقفا رسميا وتحريضا فتنويا يصنّف في خانة التكفير”، موضحة “اننا لن نرد على كراهيته بمثلها، بل سنلجأ إلى القانون ونحاسبه”.
واكدت ان “هذا أمر لا يُسكَت عنه، ليس لأننا مسيحيون وحسب وليس لأجل المسيحيين فقط، بل لأجل الإسلام ورسالة الإسلام والمسلمين، ولأجل وحدة العراق وهويته ومستقبل العراقيين”.