د. باسم الابراهيمي
تعد مشكلة الإحصائيات والبيانات من المشكلات الأساسية في العراق، وذلك لان انعدام البيانات و عدم دقتها يسببان مشكلة أخرى أكثر خطورة تتمثل في عدم القدرة على تقديم الحلول المناسبة في شتى المجالات، ومن بين المواضيع التي كثر الجدل حولها بين الاقتصاديين هو موضوع حجم الانفاق العام الاستثماري الفعلي خلال السنوات الماضية، اذ تشير التقديرات الى انه بلغ بحدود (300) مليار دولار للمدة (2003-2019)، والسؤال هنا ما الذي تحقق من تلك المبالغ؟ وكيف يمكن ان نعالج الخلل الواضح
فيها؟
ان مراجعة تنفيذ الموازنات الاستثمارية للمدة المذكورة تبين أن الإنفاق الاستثماري عانى من مشكلتي تدني نسب التنفيذ وتذبذبه، وذلك بدلالة نسب الإنفاق الفعلي إلى المخطط في الموازنات العامة وذلك حسب البيانات الصادرة عن وزارة التخطيط الاتحادية، اذ بلغ متوسط نسب التنفيذ نحو (60 بالمئة) للمدة المذكورة، ويعود انخفاض نسب التنفيذ بشكل رئيس الى سوء الأوضاع الأمنية، فضلا عن الأسباب المتعلقة بسوء الادارة والروتين والفساد، علماً ان البعض يشكك حتى في هذه النسبة ويرى ان الحقيقة اقل من ذلك بكثير، واذا ما تركنا الإحصائيات والبيانات واعتمدنا على تحليل المعطيات التي نشاهدها يمكن القول ان الانفاق الاستثماري يعد باباً من أبواب الفساد التي يصعب السيطرة عليها في ظل الآليات المتبعة وبالتالي فان هذا الموضوع بحاجة الى معالجة حقيقية للنهوض بواقع الاقتصاد
العراقي.
لقد حاولت الحكومة السابقة ان تحل المشكلة من خلال الاتفاقية العراقية الصينية وانشاء صندوق للاستثمار ليكون التنفيذ باشراف حكومي عالي المستوى، لاسيما على الشركات المنفذة وهي خطوة جيدة لو كتب لها النجاح، اما الحل الاخر الذي نقترحه هنا فهو يتمثل في تشكيل جهة (هيئة او أي تسمية أخرى) ترتبط برئاسة الوزراء تعمل على احالة ومتابعة المشاريع الاستثمارية ضمن الموازنة العامة بدلا من الوزارات، اي تختص الوزارات بالتخطيط للمشاريع الاستثمارية التي تحتاجها ضمن مجالها بينما تختص الهيئة المقترحة بإجراءات التنفيذ وبالتالي فصل جهة التخطيط عن جهة التنفيذ والذي نعتقد بأهميته في مواجهة الفساد، وهذا المقترح نضعه امام انظار الحكومة الحالية وهي تعد برنامجها للإصلاح الاقتصادي عسى ان يكون مفيدا وقابلا
للتطبيق.