الشهادة أم المهارة؟

اقتصادية 2020/07/11
...

الدكتور احمد الحسيني 
 
وقع الرئيس الاميركي دونالد ترامب قراراً يقضي باعتماد المهارة في التوظيف بدلا من الشهادة، ويبدو ان مقولة العالم بعد جائحة كورونا غير العالم الذي قبلها قد صدقت، ولكن دعونا ننظر الى القرار ومدياته الستراتيجية وانعكاساته على مختلف الصعد.
فالسيناريو الاول سوف يتمخض عن تغيير تركيبة سوق العمل الدولية، اذ سيتغير هيكل هذه السوق والذي كان يعتمد في التوظيف على حصول الافراد العاملين على شهادات معينة تؤهلهم للعمل في تخصصات 
معينة.
إذ سيعتمد في وقت لاحق على مدى المهارات التي يحملها اصحاب الشهادات وسيدخل الى سوق العمل منافسون جدد قد لا يحملون الشهادات نفسها التي يحملها اصحاب الوظائف والاعمال الحاليون وسيتحتم على حملة الشهادات لكي يبقى لهم مكان في سوق العمل تطوير مهاراتهم والا فان اصحاب المهارات العالية من ذوي الشهادات الادنى قد يطردونهم من سوق العمل!.
 يا لها من معادلة معقدة تحمل في طياتها صورة النظام العالمي الجديد وربما سنبدأ بالحديث في قادم الايام عن (اقتصاديات المهارات) بدلاً من اقتصاديات 
العمل. 
وهذا سيلقي مما لا شك فيه بظلاله على العلاقات الاقتصادية الدولية، وحركة العمل الدولية وسيعاد ترتيب الاولويات الاقتصادية الدولية على المستويين الجزئي والكلي في ضوء المتغيرات العالمية الجديدة.... وهناك سيناريو آخر يتعلق بالمناهج التعليمية والتي سيعاد النظر فيها لتتكيف مع المتغيرات العالمية الجديدة في ضوء اعتماد المهارات في التوظيف بدلاً من الشهادة، إذ من المتوقع اننا سنشهد في المدى القصير تغييرات جذرية في المناهج التعليمية وخصوصا 
الجامعية.
ومن المؤكد أنَّ الجانب التطبيقي سيأخذ مساحة أكبر من الجانب النظري لتصبح الشهادة الجامعية ذات صبغة مهنية اكثر منها اكاديمية، وهذا سينطوي على تكاليف اضافية للتعلم، اذ من المعلوم ان التعليم المهني يتطلب مهارات خاصة للتعلم وتجارب وتطبيقاً وهذا بحد ذاته له تكاليف، واتوقع في المستقبل القريب اذا ما ارادت الدول التأقلم والانسجام مع النظام العالمي الجديد فعليها تحمل تكاليف ذلك لتجني من بعد ثمار التعليم المنسجم مع سوق العمل في النظام العالمي الجديد.