الصيرفة الإسلاميَّة والدور المرتقب

اقتصادية 2020/10/01
...

د. باسم الابراهيمي
 
غالباً ما يرتبط تطور القطاع المصرفي في أي بلد مع تطور القطاع الاقتصادي الحقيقي في ذلك البلد بعلاقة تغذية عكسية، إذ يعزز نمو احدهما نمو القطاع الاخر، وعلى الرغم مما 
يعتقده البعض ان التطور السريع للقطاع المالي بشكل عام اصبح مولدا للازمات المالية نجد أن المصارف لا تزال تمثل محركا للاقتصادات المتقدمة حتى في ظل الازمات المالية العالمية، ولكن مع حاجة ملحة لتنظيم ورقابة اكثر للقطاع المصرفي وهي واحدة من الدروس التي انتجتها هذه الازمات.
وفي هذا السياق ظهرت بعض الآراء والدعوات التي ترى ان المصارف الاسلامية كانت الناجي الأبرز من الازمات المالية (مقارنةً مع المصارف التجارية) نتيجة لطبيعة عمل هذه المصارف التي تتماهى مع الاقتصاد الحقيقي ومن ثم تقترن مع اتجاه دورته التجارية صعودا وهبوطا ليتحمل المصرف (الاسلامي) وزبائنه بشكل مشترك نتائج الاستثمار وفقا لقاعدة الغنم بالغرم التي تمثل الركن الاساس في عمل هذه 
المصارف.
لقد كانت بداية العمل المصرفي الاسلامي في العراق مع تأسيس المصرف الاسلامي العراقي للاستثمار عام 1993، ليتطور بعدها عمل هذه المصارف ويزداد عددها لاسيما بعد تشريع قانون المصارف الاسلامية رقم (43) لسنة 2015، إذ وصل عددها اليوم الى واحد وثلاثين مصرفا تشكل ما نسبته (40 بالمئة) من اجمالي عدد المصارف في العراق وبرأسمال يقارب السبعة تريليونات دينار، وهذه الزيادة تأتي انسجاما مع التطور الكبير الذي تشهده الصيرفة الاسلامية على المستوى الدولي، إذ نجد ان العديد من المصارف التقليدية الدولية عملت على فتح نوافذ اسلامية لتحاكي الطلب المتزايد على هذا النوع من المنتجات.
ومن المتوقع أن يكون للمصارف الاسلامية في العراق دور تنموي مهم، لاسيما مع الامكانات الكبيرة المتاحة لهذه المصارف من جهة، والاصلاحات الاقتصادية الحكومية الرامية الى تحفيز القطاع الحقيقي لتنويع الاقتصاد العراقي وتقليل الاعتماد على النفط من جهة أخرى، والتي تزامنت مع اعداد ورقة للاصلاح المصرفي في البنك المركزي العراقي، إلا أن هذا الدور المتوقع لهذه المصارف يبقى منوطا بقدرتها على تجاوز التحديات التي توجهها سواء في مجال اكتساب الخبرة العملية بسرعة او في مجال القدرة على المنافسة مع المصارف التقليدية ومن ثم مدى قدرتها على كسب ثقة الجمهور.