محمد شريف أبو ميسم
نتمنى ألا يكون خبر وفاة مدير شركة (دايو) الكورية، المشرفة على تنفيذ مشروع الفاو الكبير، مدعاة لمغادرة الشركة أرض البصرة، خصوصا وان المفاوضات والترتيبات، اللازمة لانطلاق العمل أخذت وقتا كبيرا بين الشركة ووزارة النقل، حتى أعلن الانتهاء منها في السادس من تشرين الحالي وصولا الى مرحلة تهيئة العقود للتعاقد.
ونتمنى أيضا أن تسير عملية التحقيق في أسباب الوفاة بأجواء لا تؤثر في عملية التعاقد النهائي والشروع بالعمل، اذ ان دواعي مثل هذه الحوادث غالبا ما تكون شخصية، فيما سيكون ايقاف التعاقد مع الشركة مدعاة لربط حادثة الوفاة بإرادات لا تريد لهذا المشروع العملاق أن يظهر، الأمر الذي يدعونا الى النظر بجدية الى المعطيات التي كانت وما زالت تحول بيننا وبين ظهور هذا المشروع المهم على أرض الواقع، بعد أن أكد رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي على لسان الناطق الرسمي باسم الحكومة على "حق العراق السيادي والدستوري في الموانئ العراقية وتحديداً ميناء الفاو الكبير" وهذا الاصرار الحكومي سيدعونا للتفاؤل حين يترجم الى آلية تحتوي حيثيات هذا الحادث وتتحكم بمجريات وتوقيتات التعاقد والشروع
بالعمل.
لقد كان الأمل كبيرا بهذا المشروع الذي أعلن عن نية الشروع به في العام 2004 على لسان وزير النقل السابق سلام المالكي في ذلك الوقت، أن يكون بداية حقيقية للنهوض بواقع الاقتصاد العراقي المتردي، وينقل البلاد إلى مرحلة التنمية الحقيقية ويؤسس لوجود اقتصاد وطني فاعل، ويغير من خارطة التجارة العالمية وحركة الملاحة الدولية مع مشروع القناة الجافة، فضلا عن تغيير خارطة العمل ووجهة الاستثمار باتجاه محافظات البلاد قاطبة، بما يمهد لبيئة عمل قادرة على احتواء الأيدي العاملة العاطلة، والحد من ظواهر العنف والجريمة، فضلا عما يمكن أن يسهم به في عملية الاستقرار السياسي بما ينعكس إيجابا على الواقع المجتمعي العراقي
برمته.
إلا أن ثمة معطيات خارجية وداخلية كانت تحول دون الشروع في بناء هذا الميناء الكبير كلما سعت الحكومات المتعاقبة الى وضع التخصيصات اللازمة له، حتى قررت اللجنة الاقتصادية في حكومة حيدر العبادي احالته على الاستثمار، وبات الأمر مرهونا في بيئة استثمارية آمنة وارادة وطنية عبر عنها رئيس الوزراء حين تعهد "بأن تنال حكومته شرف البدء فعلياً بتنفيذ ميناء الفاو الكبير".