رسم مخطط تنموي جديد واغتنام فرصة تعاون جديدة

قضايا عربية ودولية 2020/11/25
...

تشانغ تاو
في الفترة ما بين يومي 26 و29 أكتوبر، عقدت الجلسة الكاملة الخامسة للجنة المركزية التاسعة عشرة للحزب الشيوعي الصيني في بكين، وكانت النتيجة الأكثر أهمية لهذا الاجتماع هي مراجعة واعتماد “مقترحات للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني بشأن صياغة الخطة الخمسية الرابعة عشرة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية الوطنية والأهداف طويلة المدى حتى عام 2035”، والتي ترسم مخططًا للتنمية الاقتصادية والاجتماعية الصينية في السنوات الخمس المقبلة وما بعد ذلك من مدة أطول. 
بهذه المناسبة أود أن أعرف للأصدقاء العراقيين بشكل مختصر أهمية الخطة المذكورة أعلاه. تعد صياغة وتنفيذ الخطط الوطنية متوسطة وطويلة المدى وسيلة مهمة للحزب الشيوعي الصيني لحكم وإدارة البلاد وقيادة التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وستصبح الخطة دليلا للعمل تتبعه جميع أوساط المجتمع الصيني، وتسهم في تكوين التوقعات المستقرة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، فضلا عن توفير قناة مهمة للمجتمع الدولي لفهم التنمية الصينية والمشاركة فيها. وفقًا لـ “المقترحات”، ابتداء من فترة “الخطة الخمسية الرابعة عشرة”، ستدخل الصين مرحلة جديدة من التنمية على أساس بناء مجتمع رغيد الحياة على نحو شامل والقضاء على الفقر. سنواصل ،بلا تزعزع، تنفيذ مفهوم التنمية الجديدة المبتكرة والمتناسقة والخضراء والمنفتحة الذي يسعى إلى تحقيق المنفعة للجميع، والإسراع ببناء معادلة تنمية جديدة تكون فيه الدورة الاقتصادية المحلية كالدعامة الأساسية مع التفاعل الإيجابي بين الدورتين 
المحلية والدولية. 
في السنوات الخمس المقبلة، سنعمل على تحقيق إنجازات جديدة في المجالات الستة التي تخص الإصلاح والانفتاح والحضارة الاجتماعية والحضارة الإيكولوجية ومعيشة الشعب ورفاهيته وحكم البلاد. بالإضافة إلى ذلك، طرحت “المقترحات” بشكل خاص ولأول مرة في تاريخ صياغة الخطة الخمسية المكانة الجوهرية للابتكار التكنولوجي في بناء التحديثات الصينية وجعلت الاعتماد على النفس وتقويتها في مجال التكنولوجيا دعامة ستراتيجية لتنمية البلاد، الأمر الذي يعكس التخطيط الستراتيجي الذي رسمه الحزب الشيوعي الصيني على أساس الانطلاق من الحاضر مع النظر إلى المستقبل.
طرحت “المقترحات” أيضًا أهدافا طويلة المدى حتى عام 2035، أي بحلول عام 2035، ستحقق الصين التحديث الاشتراكي بشكل أساسي، وتحقق القوة الاقتصادية والعلمية والقوة الوطنية الشاملة طفرة كبيرة، وتحقق بشكل أساسي تحديث نظام حكم الدولة وقدرات الحوكمة، وتنجز بناء دولة قوية من حيث الثقافة والتعليم والكفاءات والرياضة والصحة، وتشكل النمط الأخضر للإنتاج والحياة على نطاق واسع، ويصل نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي إلى مستوى البلدان المتوسطة التقدم، وتحقق التنمية الشاملة للإنسان والرخاء المشترك لجميع أبناء الشعب تقدما جوهريا وأكثر وضوحا. أنا على يقين بأن الشعب الصيني تحت القيادة القوية للحزب الشيوعي الصيني سيواصل المضي قدما إلى الأمام بشجاعة والعمل بلا كلل من أجل تحقيق الأهداف والمهام المطروحة في “المقترحات” بنجاح باهر.
مع دخول الصين مرحلة جديدة من التنمية، سيصبح الارتباط بين الاقتصاد الصيني والاقتصاد العالمي أوثق، بما يوفر للمجتمع الدولي فرصة سوق أوسع. 
في الوقت الراهن، تعمل الصين على الدفع باستئناف العمل والإنتاج بشكل كامل، ويتعافى الاقتصاد الصيني بخطوات متزنة، حيث نما الاقتصاد الصيني بنسبة 4.9 بالمئة في الربع الثالث من هذا العام، وستصبح الصين الاقتصاد الرئيس الوحيد الذي يحقق نموا اقتصاديا إيجابيا هذا العام. من المتوقع أن تستورد الصين 22 ترليون دولار أميركي من البضائع الدولية بشكل تراكمي في السنوات 
العشر المقبلة. 
وفي ما يتعلق بالعراق، استوردت الصين في الأشهر التسعة الأولى من هذا العام أكثر من 47 مليون طن من النفط الخام من العراق وبزيادة30  بالمئة مقارنة بالعام الماضي، وتشهد التجارة الثنائية بين البلدين أيضا تطورا مستقرا بشكل عام، حيث يبلغ حجم التجارة الثنائية 23.1 مليار دولار أميركي في الأشهر التسعة الأولى. في الوقت الحاضر، يحافظ الجانبان على الاتصالات الوثيقة بشأن تعاون “النفط مقابل الإعمار”، ويعملان بنشاط على تنفيذ مشروع “1000 مدرسة”، وأصبح بناء “المكتبة الصينية” في جامعة بغداد على وشك الانتهاء. إن التعاون بين الصين والعراق في شتى المجالات في إطار “الحزام والطريق” يجري بشكل منظم ويتعمق اندماج مصالح البلدين يوما بعد يوم، فأثق بأن الصين ستظل شريك التعاون المهم والدائم والموثوق به 
في عملية بناء العراق.
في المرحلة المقبلة، ستواصل الصين التمسك بمبدأ التشاور والتعاون والمنفعة للجميع، وتقوية التنسيق مع العراق في التعاون، وتقاسم فرص التنمية وتعزيز الرخاء المشترك. سنتخذ التعاون في مجال الطاقة كالمحور الرئيس لزيادة توطيد التعاون بين البلدين في المجالات التقليدية مثل تجارة النفط والاستثمار، وسنغتنم مشروع “1000 مدرسة” كفرصة سانحة لدفع تعاون “النفط مقابل الإعمار” لتحقيق تقدم جوهري في أسرع وقت ممكن، وسنتابع مشاريع الطرق والجسور ومحطات الكهرباء وغيرها من المشاريع الستراتيجية الكبرى في العراق بنشاط، ونبقى على تواصل وثيق مع الجانب العراقي بشأن المشاركة في مشروع ميناء الفاو الكبير، وسنعمل على إنجاز مشروع “المكتبة الصينية” في أسرع وقت ممكن، ونسهم بنشاط في إدخال تعليم اللغة الصينية عبر الإنترنت إلى القاعات الدراسية في الجامعات العراقية. كصديق حميم وشريك عزيز، نحن على استعداد لبذل جهود مشتركة مع الجانب العراقي لاستكشاف وتوسيع ملتقى مصالح البلدين باستمرار، وتحويل تفوق التعاون الصيني العراقي المتمثل في المستوى العالي من التكاملية الاقتصادية إلى نتائج تعاون ملموسة، وخلق المزيد من الفرص والمنصات للتبادلات الثقافية بين الجانبين، بما يدفع علاقات الشراكة الستراتيجية الصينية العراقية الى المضي قدما إلى الأمام باستمرار.
 
* السفير الصيني لدى العراق