يحلم ثمانية شباب تتراوح أعمارهم بين 16 و20 عاماً بأن يصبحوا نجومًا سينمائيين أو تلفزيونيين، وفي الانتظار لديهم من الآن 16 مليون متابع على تطبيق "تيك توك" بفضل "ديفهاوس"، وهي حاضنة إيطالية للساعين إلى النجومية عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
خلفيات لمقاطع الفيديو
يقع مقرّ الحاضنة في الدور العلوي لمنزل فخم في شرق ميلانو تبلغ مساحتها 500 متر مربع، طُليَت جدرانها بألوان فلورية اللون، ولها واجهة زجاجية وشرفة عملاقة وفيها حوض جاكوزي، وقد صُمِمَت كل زاوية فيها لتكون بمثابة خلفية لمقاطع فيديو من بضع ثوانٍ، يصورها سكان المكان.
استوحيَ تصميم هذه الشقة المؤلفة من طبقتين والتي تزينها أنماط هندسية، من مدرسة ممفيس، وهي حركة اسسها في ميلانو عام 1981 المهندس المعماري والمصمم إيتوري سوتساس. وفي هذا المناخ، تتماهى الحياة الواقعية بالعالم الافتراضي، وتغدو الحدود بينهما غير واضحة في هذا المكان الذي يُحاط عنوانه بسرية تامة.
ويروي سيموني برليني، وهو شاب أسمر بهيّ الطلعة وطويل القامة في العشرين من عمره "يتعرف عليّ المارة عندما أمشي في شوارع ميلانو".
ويرى برليني أنه يستطيع أن يكسب عيشه مما يفعل بفضل العلامات التجارية التي ترعى نجوم وسائل التواصل الاجتماعي الشباب. ويعد هذا الطالب السابق في اختصاص إدارة الأعمال أن "ديفهاوس" تشكّل "نقطة انطلاق" لمهنة مستقبلية يأمل في أن تكون في مجال التمثيل.
منذ انتقاله إلى مقر الحاضنة الذي افتُتِح في 15 تشرين الأول 2020، تضاعف عدد متابعي سيموني عبر "تيك توك" ليصل إلى نحو مليونين و700 ألف.
والأمر نفسه ينطبق على إليسيا لانتزا البالغة 20 عاماً التي ارتفع عدد متابعيها إلى مليون و400 ألف، لكنها تدرك أن النجاح في العالم الافتراضي سريع الزوال، إذ تقول "ذات يوم نلمس النجوم، وفي اليوم التالي، نسقط إلى أدنى مستوى".
"الجيل زي"
ينتج أعضاء "ديفهاوس" عشرات مقاطع الفيديو يومياً. هواتفهم الذكية موصولة بنظام "لِد" يوفر إضاءة مثالية، وينشغلون في يومياتهم بالقفز أو التظاهر بالغناء أو الرقص على أنغام موسيقى الديسكو أو بتصوير فقرة في المطبخ.
ويقول لوكا كاسادي (44 عاماً)، وهو مؤسس قناة "وب ستارز" للإنتاج التي أطلقت عدداً من المواهب وحوّلتهم نجوماً على الإنترنت في إيطاليا "في البداية ، لم أكن مقتنعاً على الإطلاق، إذ لم أكن أرى أن تحريك الشفتين على نغمات الموسيقى من دون حتى الغناء يتطلب أي موهبة".
لكنّه يقرّ بأنه ما لبث أن أدرك "الإمكانات الإبداعية" لـ"تيك توك" فأسس "ديفهاوس" على غرار"هايب هاوس" في لوس أنجليس، وتكمن مهمتها في توفير "التدريب والتصميم" لأبناء "الجيل زي" الذين تتروح أعمارهم بين 15 و24 عاماً.
ويلاحظ كاسادي أن "شباب جيل تيك توك لا يعرفون شيئاً عن السياسة ، ولا يسعون إلى الاطلاع. قدرتهم على التركيز ضعيفة ومن هنا جاءت فكرة تدريبهم".
ويشمل برنامج التدريب دورات في السياسة والشؤون الجارية، والتلاوة والإلقاء، والموسيقى والثقافة أو حتى السلوكيات الاجتماعية السليمة.
علامات فاخرة
أما من ناحية الأعمال، فالمعادلة بسيطة: تتعاقد قناة "وب ستارز" مع العلامات التجارية الفاخرة للأزياء، ومع شركات للهواتف الذكية ومعدات وتنسيق الاسطوانات، وتدفع لنجوم "ديفهاوس" الصاعدين جزءاً من الإيرادات.
ويصف لوكا كاسادي هؤلاء بأنهم "مبدعو العالم الرقمي، وهم يستوعبون فلسفة العلامة التجارية بطريقة طبيعية وممتعة".
وتفوق ربحية المشروع ما كان متوقعاً. ويقول كاسادي "كنا نعتقد أننا سنعوض أكلافنا بعد ثلاث سنوات، فالإيجار وحده يبلغ 500 يورو في اليوم، لكننا توصلنا إلى تعويضها بعد ثلاثة أشهر".
وحظيت "تيك توك" المملوكة لمجموعة "بايت دانس" الصينية بإقبال واسع جداً في إيطاليا خلال مراحل الإقفال العام لمواجهة جائحة كوفيد - 19.
إلا أن وفاة طفلة في العاشرة كانت تشارك في "لعبة الوشاح" على الشبكة بفعل اختناقها أثار غضباً في إيطاليا. وسارعت السلطات الإيطالية إلى حجب الشبكة جزئياً.
ورداً على مقولة أن شبكة "تيك توك" خطرة، تعلق جاسمين زانغاريلي (17 عاماً)، إحدى المؤثرات المنتميات إلى "ديفهاوس"، بقولها "بدأت أنشط على الشبكة وأنا في الخامسة عشرة، ولم أرَ إطلاقاً هذا النوع من التحدي".
وتضيف البطلة السابقة في التزحلق الفني على الجليد "الشبكات الاجتماعية أمر جميل، شريطة استخدامها على النحو السليم".