بدور العامري
بمؤثرات صورية وصوتية عالية الدقة تجعل من الشخص يغوص في أعماق الفيلم ويتفاعل مع مجريات الاحداث، وربما يصبح هو بطل الفيلم بمجرد ارتدائه نظارات (3D)، وتقنيات أخرى تعددت تسمياتها، هكذا بدا حال السينما الحديثة، وسينما المولات هي احد اشكال صالات العرض التي تقدم الأفلام العربية والأجنبية باحدث التقنيات التكنولوجية.
المدير التنفيذي للسينما العراقية زيد فاضل جواد تحدث عن بداية المشروع واهم الفروع التي افتتحت في بغداد والمحافظات، فضلا عن التقنيات المستخدمة فيه، قائلا «تم تدشين مشروع السينما العراقية في عام 2011 بافتتاح فرعها الأول في نادي الصيد في بغداد، وفي العام نفسه افتتح فرع آخر في أربيل بواقع خمس شاشات لتستوعب مئة شخص في بادئ الامر»، موضحاً «ان جميع الصالات تم تجهيزها بالمعدات والتقنيات التكنولوجية الحديثة وشيدت وفق التصاميم العالمية لدور السينما الموجودة في المراكز التجارية في اوروبا، وتلتها سينما مول المنصور ذات السبع شاشات وبواقع 880 مقعدا، بينما تواصل افتتاح عدد آخر من الفروع في بغداد والمحافظات ومنها مول زيونة الذي يتسع لـ (990) شخصاً مع وجود 6 شاشات عرض، إضافة الى افتتاح عدد آخر من صالات العرض في مول بغداد والنخيل ومراكز تجارية في الحلة والبصرة ودهوك».
أسعار التذاكر
الشاب مهند رضا (29عاما) اثنى على مشروع السينما العراقية باعتباره احد المرافق الترفيهية، خاصة لمحبي مشاهدة الأفلام العالمية الحديثة، اذ قال «ان افتتاح عدد من صالات السينما في المولات التجارية مثل مول المنصور وبغداد وزيونة، خطوة مهمة في مجال إعادة الحياة للفن السابع في العراق، بعد أن اصبحت دور العرض القديمة عبارة عن أماكن مهجورة، وهياكل طالها الإهمال والتخريب، وتحول بعضها الاخر الى مخازن للبضائع والسلع»، مبيناً ان هناك مأخذا واحدا على عمل سينما المولات وهو ارتفاع سعر تذكرة مشاهدة الأفلام، اذ لا يقل عن عشرة آلاف دينار للشخص الواحد، وهو مبلغ باعتقاده مبالغ فيه، متمنياً أن تراعي الجهات المسؤولة عن هذه المؤسسات، الوضع الاقتصادي للشباب الذين يرغبون بارتياد السينما باستمرار.
مشاريع
وفي هذا الخصوص أوضح زيد فاضل أن المبلغ المحدد كتسعيرة لتذكرة دخول السينما يتناسب مع حجم الخدمة المقدمة وبشهادة اغلب من يرتادها، من حيث توفير جميع وسائل الراحة ومتعة المشاهدة، اذ تتراوح الأسعار بين (10 - 17) الف دينار عراقي لمقاعد (vip) ، علماً ان هناك آلية تسويق متبعة في جميع فروع السينما متمثلة بتخفيض الأسعار في أيام محددة من الأسبوع، لتضمن التذكرة الواحدة دخول شخصين، وكل هذه المعلومات يمكن معرفتها عن طريق الموقع الالكتروني الرسمي للسينما العراقية، او عن طريق لوحات الإعلانات في داخل المول، كاشفا عن خطط كبيرة من المؤمل تنفيذها خلال عام 2023، بهدف التوسع بخدمات مشروع السينما العراقية، بعد أن نجحت في تغطية 80 % من مناطق العراق، ومنها افتتاح سينما كبيرة في وسط العاصمة بغداد بواقع 15 شاشة تعمل بتقنية (IMAX) و(4DX).
نكهة خاصة
وتبقى للسينما التقليدية نكهة خاصة من حيث سعة المكان واستيعابه لاعداد كبيرة من المشاهدين، اذ كانت من اهم المرافق الترفيهية والثقافية التي تجذب الاسر العراقية بمختلف طبقاتها، هذا ما يعتقده الأستاذ ايهاب سالم الهاشمي رئيس قسم السمعية والبصرية في معهد الفنون الجميلة، اذ قال «ان مشكلة اندثار السينما التقليدية بدأت مع اغلاق دور العرض السينمائية في البلاد الواحدة تلو الأخرى، الامر الذي زاد من تخوف المنتجين من الخسارة في حال وضعوا أموالهم بانتاج أفلام لا وجود لاماكن تعرض فيها»، مشيراً الى أن سينما المولات اخذت بالظهور في العراق بعد عام (2005) تقريبا، وكانت عبارة عن صالات صغيرة تستوعب اعداداً لا تتجاوز مئة شخص، الا انها اخذت بالاتساع فيما بعد وهي في واقع الحال يمكن أن تؤدي الغرض المطلوب لفئات معينة من حيث الترفيه والاستمتاع بمشاهدة احدث الأفلام.
دعم النتاجات
ولفت الهاشمي الى ضرورة أن تتحمل الدولة مسؤوليتها في النهوض بواقع السينما في العراق، ووزارة الثقافة على وجه الخصوص، وذلك عن طريق فتح المجال امام المستثمرين من ذوي الخبرة والاختصاص لبناء وإعادة تأهيل دور العرض السينمائية الكبيرة الموجودة في بغداد والمحافظات، وهذا ما أكده محمد عبد الأمير احد المخرجين الشباب والمهتمين بالشأن الفني قائلا «لابد من وجود دعم حكومي حقيقي للنهوض بواقع دور العرض من المسارح والسينما لما تقدمه هذه المرافق من فنون وثقافات تعكس واقع وتاريخ وطموحات المجتمع العراقي، وكذلك دعم الطاقات الشبابية وقدراتها في هذا المجال، عن طريق زجهم في دورات خارج البلد لصقل مواهبهم، إضافة الى التعرف على آخر التقنيات ومعايشة تجارب المجتمعات الأخرى وبالتالي الحصول على جيل جديد واعٍ ومثقف من المخرجين وكتاب النص والمصورين وغيرهم من الفنيين والاداريين، كما هو حال البلدان المجاورة».
بادرة أمل
وتابع محمد عبد الأمير حديثه عن واقع صناعة السينما في العراق بقوله «نتيجة لغياب الدعم الحكومي، اخذت النتاجات الفنية طابعا معينا هدفه المشاركة في المهرجانات فقط بسبب غياب الإنتاج، وعدم توفر أماكن عرض الاعمال، اذ ان هناك مئات الأفلام الروائية والقصيرة الممتازة، قدمها مخرجون شباب بعد عام (2003)، بإنتاج ذاتي او عن طريق تمويل مؤسسات ومنظمات المجتمع المدني المحلية او الاجنبية، ولم تجد أي دعم حكومي من مؤسسات الدولة المعنية بهذا الشأن، علما ان هذه الاعمال حازت على مراكز متقدمة في المحافل الدولية، ومازالت تشارك وتحصد الجوائز، وبانتظار التفاتة حقيقية لدعم مثل هكذا نتاجات ثقافية وفنية».
مشيداً بمشاريع سينما المولات، واصفا إياها ببادرة امل من الممكن استثمارها في عرض النتاجات الشبابية من الأفلام القصيرة والروائية وحتى الأفلام الطويلة مستقبلا.
المدير التنفيذي للسينما العراقية ارجع سبب نجاح تجربة سينما المولات واقبال الناس وخاصة الاسر عليها في الآونة الأخيرة، لكون المراكز التجارية هي أماكن متكاملة من حيث توفير الخدمات، واغلب متطلبات الاسرة العراقية في مكان واحد، متمثلة بمحال تسوق الملابس والمواد الغذائية وكل مستلزمات المنزل، إضافة الى المطاعم والكافيهات، فعند انتهاء فترة التبضع، تجد الترفيه في السينما والاستمتاع بمشاهدة الأفلام.