ركن السكن

اقتصادية 2021/10/16
...

ثامر الهيمص
 
هل لملف المياه علاقة بنيوية بركن السكن؟، ولماذا لا يتصدى المعنيون لبحث المسألة من جذورها إذا كنا نتوخى حلا شاملا لمرحلة الاستقرار والتفرغ للأمن الغذائي والتنمية المستدامة؟، هناك 4000 عشوائية في مراكز المدن من النواحي الى العاصمة، وسبق لوزارة التخطيط أن تحدثت عن الحاجة لثلاثة ملايين وحدة سكنية.
نعم كان ملف المياه السبب رقم واحد للهجرة من الارياف، يدعمه ملف الاستيراد العشوائي للمنتجات الزراعية او مصنعات الزراعة والانتاج الحيواني، إذ باتت الجدوى الاقتصادية في حدود الخسارة. 
لقد كان المصرف العقاري، قبل العام 2003 متواكبا مع التوسع السكاني الى حد ما، رغم أنه لم يردم الفجوة بين الصريفة والبيت العصري، والآن بعد فتح باب الهجرة الداخلية على مصراعيه، أصبحنا أمام تحدٍّ يصعب تدوير حوافه، بعمارات في ضواحي المدن الكبرى، ولا بسباق مع انتشار العشوائيات، لنواجهه بمشاريع الامر الواقع.  
فالزراعة والانتاج الحيواني وتصنيع منتجاتهما، بعد المباشرة الجدية في حل ملف المياه، يوقف نزيف الهجرة، ويرفع مساهمة الزراعة كقطاع أول في نسبة مشاركتها بالانتاج الوطني من أقل من 5 % الى ما يتناسب مع العمالة الماهرة وغير الماهرة .
لذلك لا بد من ثورة ضد الترقيع الحالي ما دامت الهجرة تتوسع وتتعمق بفعل الزيادة السكانية، فضلا عن شح المياه التي أدت الى تملح الأرض وبخس الاسعار، نتيجة كلف الطاقة، مع غياب شبه تام للدعم المتفاعل الذي له علاقة بزيادة الانتاج وتسويقه المجدي.
إن البطالة تتركز في المدن ولكنها أقل من الريف نسبيا، فتجربة الأهوار، مثلا، بعد تجفيفها هجرها أهلها، وبعد عودة المياه عادوا اليها، لذا فحل مشكلة العشوائيات ينبغي أن يقتدي  بعودة المياه بحصصها السابقة، وتنظيمها بصرف مقنن. فالحل الجذري يعني تعاون وزارات الخارجية والزراعة والري والتخطيط، أي أن الحل سياسي الادوات، كون الحل الحالي مجرد إغراء بمزيد من الهجرة الداخلية.  
وبما أن الحل الجذري وحيد، لا بد من تجنيد القوى السياسية والاقتصادية والتجارية في الدفع بهذا الاتجاه، إذ ينبغي الافادة من العلاقات التاريخية والجغرافية في الحل، لا لتكون رافدا فقط او إطارا .
ونحن نتابع أزمة سد النهضة ومآلاته، لا ننسى انه لدينا مصالح اجتماعية واقتصادية بمشتركات اثنية ودينية تستطيع المساهمة بشكل فاعل في ان تكون كقضية، لها أبعادها الاقليمية عربيا واسلاميا، عندها تتوفر عناصر وأركان الحل الجذري لمسألة السكن الشائكة لتصبح البنية التحتية الحقيقية للتنمية المستدامة ويقف اقتصادنا الحقيقي زراعيا وصناعيا  مستعيدا ثراءه وتراثه، ومن ثم ليسكن مساكين العراق مساكنهم الجديدة.