ذائقة الغد

ثقافة شعبية 2021/12/12
...

  علي الصفار
ذائقة الغد أو مسك الوعي وتقديمه كوجبة آمنة للقارئ المضمر أو الصريح هو ما تفعله نصوص خاصة لا يدنو منها إلا من آمن بالتمتع بالمحو أو من كان في الثلث الخالي من البياض كما يقول الناقد والشاعر المغربي (مهدي إخريف)، انها كتابة تجعل من الشعر أقل عرضة للإصابة بعدوى الصراخ الذي نشهده من دون كوميديا أو تراجيديا على مسارح تدخلها جيوش لا تعي من النص سوى دور البهلوان الذي مات نصف دماغه بسكتة فولكلورية، وأصيب النصف المتبقي بشلل الانحدار، المفارقة أو الثورة على السائد والتثوير على معجم سقطت مفرداته برحلة غير شاقة وشراكة سردية ممتعة هو ما يميز هذه النصوص الطازجة على الدوام، انها زجاج من دم ولحم، وهل يمكن لحجر بعد الان أن يتجاسر على هكذا فصيلة من الزجاج؟، انها غير قابلة للكسر (اكتب غيم خاطر تستحي آخرتك)!، كيف لنا أن نكسر مثل هذه الدعوة التي تجاوزت دعوة القراءة؟، هي دعوة للكتابة، انها ما بعد القراءة وافتراض ذكي يثبت لنا وجود مدينة خاصة لا تشبه المدينة الافلاطونية، أن تكتب يعني أنك تهجر معسكر القتلة، والغيم هو آخر ما يدور في فكر التراب، ودون أن أقول ربما فهو في هذه الجملة الشعرية ادانة لتأخر الوعود التي أحيلت لزمن آخروي كان الخاسر الأكبر به هو الفم الحالم بالرواء، انها نصوص لا تسعى الى اثبات عهود قديمة، لذا هي تتحلى بالتحول المستمر والانقسام غير المشروط بنهايات أبدية، نصوص ليس لها قفا طالما تدعو الى تشخيص الوجع وإثبات هويته من دون الرجوع الى علم نفس فرويدي الاتجاه (اغرف وجع من لونك)، (باللوحة اكو بنية غريبة الوان)، (مستعد اصنع فراغ يصير غابه)، (ونثية آدم جرح مافرزنو غمجه)، مثل هذه الجمل الشعرية وغيرها من تدفق وعي مستمر ومتماسك وكتابة غير مكتوبة تطلب منا أن ننتج معنى إضافيا، كونها خطابا مستقلا يؤسس لهوية وفضاء لا تدعمه سوى منظومات فكرية وظيفتها تحييد الطارئ والهجين وغير المنتمي الى روافد اصيلة.
هكذا تتفجر اللغة، وتحترق لتنتج لنا نصوصا لا تشبه القريب والمتاح من الشعر.
 
انتشيت لراگ طولك بصبع المخمور
امد نيتي اعلى خصرك كاس
افحط وانت بيه تطوف
يمزة عمري ياهو الگالك سكران
وانة شارب دفو عيونك
عشگتك يا حلم مخمور
وسكرت بطارف الشفة
يسباحة بلهاة الماي گطرلي ولو بوسات
أفرع فرح عنكَودين
گيشت الهوة بطولك شفت روحي وگت غرگان
 
أن تعطيك مدينة دينية باطارها العام جملة شعرية تنفلت من المفهوم العام للمدينة، هذا بحد ذاته مفهوم لتحديث السائد وخروج عن المألوف. 
مفرفح بروحي 
الصدگ
اكبر بسد التراچي
المايلمعن للغريب
ويم الگلادة اشتهي اتخوصر واضيع
ويكبر بعيني العشگ
الليل اجيسه بواهسي
 ولون الگصيبه 
النار غاد
بصوت وچفوف  
اعتلگ
مچودرة براسي الشريعه
 
ليست هذه النصوص وحدها اشرت على البعيد من الشعر، واخذت على خيالها مسؤولية حدث شعري مهم امثال علي حسن الشمري، ولؤي الفتلاوي، وعلي الحمد الله البصيصي، ومصطفى الجناحي، وسلام الجبوري، ومحمد مواش، وهناك الكثير من التجارب الشبابية التي لا تقل اهمية عن هذه الخريطة الشعرية التي لا يدخلها من لا يفهم بعد المحيطات وهدوء الانهار.