المصارف الحكوميَّة بين الإصلاح والهيكلة

اقتصادية 2022/01/10
...

 محمد شريف أبو ميسم 
 
ينطوي مفهوم الهيكلة في القطاع المصرفي، على اجراءات تتضمن تطوير أدوات العمل من خلال أتمتة العمليات المصرفية، وتطوير مهارات العاملين، ورفع مستوى رساميل تلك المصارف، باتجاه اختزال حلقات الترهل في الأداء، لتكون تلك المصارف مؤهلة لخوض التنافس مع المصارف الأجنبية التي من المتوقع أن تفتح فروعاً لها في ساحة التداول 
المحلية. 
بينما يختلط مفهوم الاصلاح في القطاع المصرفي الحكومي وهو أمر منوط بالتوجه الحكومي في تعليمات تنفيذ الموازنة بشأن احتكاره لنحو 75 % من ساحة التداول، مع مفاهيم الهيكلة والتمهيد للخصخصة في الوعي
 الاداري.
وغالباً ما يوظف هذا الخلط سياقاً في الخطاب الرسمي، فتبدو النية واضحة كما في المادة أولا -أ- من الورقة البيضاء والخاصة بالقطاع المصرفي، باتجاه ايلاء مسؤولية ملف الاقتصاد العراقي للقطاع المصرفي الخاص، اذ جاء في نص المادة “اصلاح المصارف الحكومية نحو العمل بمعايير تجارية، وتقليل هيمنتها على القطاع المصرفي وفسح المجال أمام المصارف الأهلية لضمان تطوير القطاع وأخذ دوره كرافعة للاقتصاد العراقي وانهاء دور المصارف الحكومية كذراع لتمويل الانفاق الحكومي».
وهذا ما يفسر الاجراءات الحالية في بعض المصارف الحكومية، اذ بدت عملية الاصلاح التي يراد بها اعادة الهيكلة أكثر وضوحا لتجسد ما جاء في المادة الرابعة – أ- المتعلقة بـ “هيكلة الشركات العامة الممولة ذاتيا” والتي تنص على “تشريع قانون لاعادة هيكلة الشركات العامة، وتحويلها الى شركات خاصة وشركات فرعية، وتنظيم تأسيسها وعملها وادارتها وتصفيتها وافلاسها تماشياً مع ما مطبق على شركات القطاع الخاص.»
ما يعني أن هيكلة او اصلاح المصارف الحكومية، بات يتماهى مع مرحلة التمهيد لخصخصة هذه المؤسسات المالية، بهدف اخراجها من ساحة التداول بوصفها شركات عامة، على ضوء الاجراءات والخطوات التي تتبعها الجهات ذات العلاقة بشأن ما يقال عنه “اصلاح المصارف الحكومية”.
ويبدو الأمر أكثر وضوحا في المصارف المتخصصة، اذ أخرج البعض منها من سياق الهدف الذي تأسست بموجبه وتحولت الى مصارف تجارية بعد أن أنهكتها معطيات السنوات الثماني عشرة الماضية، وبات من الواجب تحديد الوجة بشأن مستقبل وجود هذه المؤسسات المالية في شكل الدولة الجديد، القائم على اطلاق الحريات الاقتصادية، وضمان وحقوق الملكية للرساميل الأجنبية في ادارة الاقتصاد الكلي، وبالتالي من المهم تفعيل دور الصناديق البديلة للمصارف الحكومية، وتحديداً المتخصصة منها.