بغداد: فرح الخفاف
يعاني العراق في كل عام تقريباً من معضلة تأخر إقرار الموازنة لأسباب عدة منها سياسية وأخرى انتخابية او مالية، ما يؤدي الى تأثر المواطن سواء الموظف او الكاسب، والسوق العراقية بالمجمل من ذلك، الامر الذي دفع خبراء إلى تقديم مقترحات أبرزها تمرير الموازنة خلال شهر تشرين الأول او الثاني وتقسيمها أي اعتماد موازنة تكميلية في منتصف كل عام. يأتي هذا في وقت توقع فيه المستشار المالي لرئيس الوزراء مظهر محمد صالح بأن تبلغ موازنة 2022 نحو 140 تريليون دينار.
وقال صالح لـ {الصباح}: {بحسب وزارة المالية فإنه تم تحديد سعر برميل النفط في موازنة 2022 بمقدار 50 دولاراً، وقد تزيد قيمة الموازنة بمقدار 10 بالمئة عن العام الماضي، أي بحدود 140 ترليون دينار، وبمقدار عجز افتراضي قد يماثل العجز في موازنة العام 2021 الذي بلغ 29 ترليون دينار}.
سقف انفاق
وأضاف أن {العراق باع في العام 2021 برميل النفط بمتوسط مقداره 68 دولاراً ونصف الدولار، لكن الايرادات غير النفطية لم تحقق سوى 50 بالمئة من تقديراتها، لذلك فإن انخفاض الايرادات غير النفطية سبب عجزاً ايضا في الموازنة، لكن تم تعويضها من ارتفاع أسعار النفط}، مبينا انه {اذا كان متوسط بيع برميل النفط السنوي يقارب 71 الى 72 دولارا في العام الحالي 2022 مع سقف انفاق مشابه للعام 2021، فإن {العراق سيكون في وضع متوازن حتى لو كانت الإيرادات غير النفطية قليلة}.
الايرادات المتدفقة
وعن تأثير تأخر إقرار الموازنة، قال صالح: ان {الاقتصاد العراقي يعتمد على الريع النفطي سواء كانت هناك موازنة ام لا، وتوجد تدفقات مالية مستمرة للحياة الاقتصادية في العراق، وتأخر إقرار الموازنة هذا العام جاء لأسباب دستورية تتعلق بالانتخابات، والذي ينظم الحياة المالية الان هو قانون الادارة المالية على أساس الصرف من الايرادات المتدفقة بما يعادل (1/12) من النفقات الفعلية المستمرة من السنة الماضية (كالرواتب والديون والمشاريع المستمرة وغيرها)، وهو يعد صمام أمان، مستدركاً بالقول: إن {الحل الأمثل لاقتصاد البلد يتوقف على تشريع الموازنة التي ترسم آفاقاً للسنة المالية بأكملها، إذ يعتمد المستثمرون وتوجهات القطاع الخاص عليها، والوضع الاقتصادي بمجمله يبنى على صدور الموازنة العامة ونفقاتها وايراداتها، لا سيما ان الانفاق العام الحكومي يشكل 40 بالمئة من الناتج المحلي الاجمالي، وهذا بشكل مباشر اما بشكل غير مباشر فتصل نسبته الى 80 بالمئة، وهي تعد مهمة في حياة المواطنين}.
رؤية اقتصاديَّة
وتابع المستشار المالي: {عند عدم وجود موازنة ستكون أهداف السياسة الاقتصادية في البلد غير واضحة وغير معروفة، فالموازنة العامة تعد رؤية اقتصادية لسنة كاملة، وهناك موازنة استثمارية فيها المشاريع الجديدة والفرص الاستثمارية، والبرامج الجديدة للوزارات وكلها معطلة بسبب عدم تشريع قانون الموازنة}، لافتا الى {توقف جميع المستجدات ومنها الترفيعات الادارية وفرص التعيينات الاساسية، فضلا عن الحقوق الاساسية التي تنعقد عليها حياة الناس في تشريع الموازنة، فلا يوجد نفقات وتخصيصات لهذه المستجدات، وسيتم التعامل كما هو الحال في العام الماضي، فضلاً عن أن تأخر اقرار الموازنة سيؤدي الى خسارة المشاريع الجديدة، فلا يوجد أي تنفيذ للمشاريع الستراتيجية والبرامج الجديدة، من ثم ستنتشر البطالة وتزيد نسبة الفقر}.
وأشار الى أنه {في حال بدأت جلسات البرلمان الاعتيادية وتشكلت اللجنتان المالية والاقتصادية، فإن اول قانون سيقومون بتشريعه هو قانون الموازنة}، مرجحاً {عدم إقرارها في الربع الاول من العام
الحالي}.
وفي إطار متصل، اقترح الخبير المالي ثامر العزاوي تحديد شهر تشرين الأول او الثاني كموعد ثابت لإقرار الموازنة لوضع حد لعمليات التأخير التي تحدث في كل عام تقريباً.
الموازنات التكميليَّة
وقال العزاوي لـ {الصباح}: {كما يجب اعتماد الموازنات التكميلية منتصف كل سنة، لتلافي أي أخطاء او إجراء تعديلات على قانون الموازنة العامة}، مبينا أن {هذه الخطوة مهمة وسط تأرجح أسعار النفط الخام ومعالجة أي امور طارئة قد تحدث}.
ورأى أن {تأخر إقرار الموازنة معناه إصابة السوق العراقية بالشلل، خاصة اذا تأخرت بعد شهر شباط، اذ تبدأ آثار ذلك بالظهور، فلا مشاريع جديدة ولا ضخ أموال ولا قروض او سلف او عمليات شراء}،
منوهاً {بتأثر الموظفين من تأخرها ايضاً، اذ تتوقف ترفيعاتهم وعلاواتهم ومكافآتهم، فضلا عن توفير احتياجاتهم لتسيير
الأعمال}.