بغداد: حيدر فليح الربيعي
تصوير مصطفى الجيزاني
ضاعفت السلطتان التنفيذية والتشريعية تحركاتهما الهادفة الى مواجهة موجة الغلاء، والحد من ارتفاع الأسعار الذي تشهده الأسواق، لا سيما كلف المواد الغذائية، التي قفزت بشكل ملحوظ خلال الأيام الماضية، نتيجة الأزمات الدولية والمعارك الدائرة بين روسيا وأوكرانيا، وما رافقها من تضخم عالمي شهدته معظم السلع والمواد.
ففي حين "صفّر" مجلس الوزراء الرسم الجمركي على البضائع الأساسية من مواد غذائية وبناء واستهلاكية، وقرر إلغاء المواد المحظور استيرادها لحماية المنتج من المواد الغذائية، والاستهلاكية، والأدوية، كشف مجلس النواب، عن قيامه بحملات لمراقبة السوق ومحاسبة التجار المتلاعبين بالأسعار، داعيا الحكومة لإطلاق التخصيصات الكافية لتأمين مفردات الحصة التموينية.
وسط ذلك، اقترح خبراء ومختصون في الشأن الاقتصادي، جملة حلول أكدوا قدرتها على مواجهة أزمة الغلاء التي تشهدها البلاد، واضعين في مقدمة تلك الحلول تشكيل فريق وزاري يأخذ على عاتقه التعاقد المباشر مع الدول المنتجة لاستيراد المواد الغذائية الضرورية وبالسرعة القصوى، فضلا عن العمل على تشريع قانون "ميزانية طوارئ" لتوفير مفردات البطاقة
التموينية.
تحركات برلمانيَّة
وبهدف الحد من الزيادة الملحوظة التي شهدتها معظم السلع والمواد، لا سيما الغذائية منها، أقدم مجلس الوزراء على "تصفير" الرسم الجمركي على البضائع الأساسية من مواد غذائية ومواد بناء ومواد استهلاكية ضرورية لمدة شهرين وإعادة النظر بالقرار بعد معاينة الأزمة، فضلا عن "إلغاء المواد المحظور استيرادها لأغراض حماية المنتج من المواد الغذائية، والاستهلاكية، والأدوية لمدة شهرين، وإعادة النظر بعد معاينة تطورات
الأزمة".
كما قرر مجلس الوزراء، بهدف الحد من تأثيرات زيادة الأسعار، إطلاق حصتين للمواد الغذائية في البطاقة التموينية فوراً والبدء بإجراءات توفير حصة شهر رمضان، وإعادة النظر بموازنة البطاقة التموينية.
في مقابل ذلك، أكد النائب الأول لرئيس مجلس النواب، حاكم الزاملي، إشرافه المباشر على حملات واسعة وعاجلة لتفتيش مخازن التجار والمستوردين والأسواق العامة لمراقبة الأسعار، وفقا لبيانات وإحصاءات دقيقة، مشيرًا الى أن أي عملية احتكار او تلاعب بأسعار السلع والمواد الأساسية للمواطن سيجعلهم تحت طائلة القانون.
ودعا النائب الأول، الحكومة لتأمين الخزين الستراتيجي للمواد الغذائية ومنح التخصيصات المالية الكافية لوزارة التجارة لغرض تأمين وزيادة مفردات الحصة التموينية على مدار عام كامل، في حين أعلن أن وزير التجارة تعهد بتجهيز الوكلاء لحصتين غذائيتين كافيتين قبل شهر رمضان المبارك.
قرار "طوارئ"
وبغية تطويق الأزمة الاقتصادية "العالمية" الناجمة عن المعارك بين روسيا وأوكرانيا، وما رافقها من تضخم عالمي، حث الخبير الاقتصادي، نبيل جبار العلي، خلال حديثه
لـ "الصباح" على ضرورة أن يقدم مجلس النواب على تشريع قانون طوارئ يمنح الحكومة "بغض النظر عن كونها حكومة تصريف أعمال" التخصيصات المالية اللازمة لتوفير مفردات البطاقة التموينية ولمدة لا تقل عن عام، محذرا من أن التراخي أمام تلك الأزمة التي يمكن أن تأخذ وقتا أطول، يمكن أن تتسبب بنتائج سلبية كبيرة على الأمن الغذائي المحلي، وتؤثر في الواقع الاقتصادي في العراق.
وشدد العلي، على أهمية الإسراع بتنفيذ قرارات الحكومة المتضمنة "إلغاء التعرفة الجمركية للمواد الغذائية المستوردة، وفتح الحدود أمام استيراد المواد من دون ضوابط، عدا الصحية منها، فضلا عن دعم مشروع البطاقة التموينية وزيادة تخصيصاتها من 800 مليار دينار الى 2 ترليون دينار على أقل تقدير".
كما أكد الخبير الاقتصادي، على ضرورة "تحقيق إدارة صحيحة للتخصيصات المالية الهادفة لدعم المحاصيل الستراتيجية، وزيادة تخصيصاتها من 3.2 ترليون الى 4 ترليونات دينار".
فريق عمل
من ناحيته، يرى الخبير الاقتصادي، مناف الصائغ، خلال حديثه لـ "الصباح" أن "ارتفاع أسعار السلع والبضائع ناجم عن عوامل دولية، ونتيجة للتضخم العالمي الحاصل جراء ارتفاع أسعار الوقود والنقل والحرب الحاصلة بين روسيا وأوكرانيا".
ولفت الخبير الصائغ، إلى ضرورة قيام "وزارة التجارة بتشكيل فريق عمل يأخذ على عاتقه استيراد المواد الضرورية وبشكل طارئ، وجلب كميات كبيرة من المواد الغذائية الأساسية يمكن أن تغرق السوق من خلال التعاقد المباشر مع الدول المصنعة ضمانا لسرعة وصولها وبهدف عدم إضافة كلف مالية أخرى على المواد المستوردة".
ودعا، إلى عقد لقاء "مع التجار والموردين المحليين لتنظيم عمليات العرض والطلب، والحد من ارتفاع الأسعار لحين ورود السلع التي يتم استيرادها من قبل وزارة التجارة"، لافتا في الوقت ذاته، إلى أن "النظم الاقتصادية العالمية تتيح للدولة التدخل لصالح المجتمع أوقات الأزمات الغذائية، وهو نظام عالمي معروف بهدف حماية الاقتصاد والأمن
الغذائي".