ياسر المتولي
يُسحرنا المانشيت العريض (التبادل التجاري) مع تركيا أو مع إيران أو مع السعودية، وحتى مع أي دولة أوروبية أو غربية. ولكن في الحقيقية لم نعلم عن اي تبادل تجاري يتحدثون، فهل هذه مزحة حقاً ام (كذبة نيسان) مثلاً، عن أي تبادل تجاري يتحدثون؟ 20 مليار دولارسنوياً مع هذه الدولة أو تلك مبالغ تخصص لاستيراد بضائع وسلع منهم فأي سلعة نصدرها نحن لهم؟!
اذا كان تصدير النفط هو المعيار فإن القسم الأكبر من هذه الدول لاتستورده منا، كونها منتجة له واذا توجد دولة منهم تستورد نفطنا، فكم هي النسبة وهل تصل الى مفهوم التبادل المتكافئ 20 ملياراً مقابل 20 ملياراً ام نستورد بـ 20 ونصدر بدراهم معدودات لنطلق على هذه الجزئية بالتبادل؟.
نصدر بطاطا عراقية (على ذمة وزير الزراعة)، حيث يؤكد تحقيق اكتفاء ذاتي بمحاصل مثل البطاطا وغيرها، وبالمقابل نستورد بطاطا تركية اكتفينا بانتاج بيض المائدة ونستورد بيض مائدة، وهكذا وغيرها الكثير .
الآن داهمتنا السنين العجاف بفعل نقص الغذاء عالمياً بأسباب متعددة، انحباس حراري، شح المياه، كوفيد- 19 ومتحوراته، ارتفاع أجور الشحن، والحرب الروسية الأوكرانية وارتفاع الأسعار الزاحفة، التي نوهنا اليها في مقالات سابقة، كل هذه التحديات تجعلنا في دوامة الخوف وحيرة من أمرنا لنتساءل، أما حان الوقت لاستثمار ثرواتنا
الزراعية.
أبهذه الطريقة نضيع ثرواتنا وخيراتنا وتحولنا الى بلد مستهلك وغير منتج، للأسف كذلك أن ضياع ثروات العراق بهذه الطريقة، أي الاستيرد بعوائد النفط، ستاكل من جرف النهر وتضعف أرضه الصلدة اذا ما اضفنا لهذا الهدر موضوعة الفساد الذي ينخر في جسد
الدولة .
ازاء هذا الواقع المرير كيف لنا بناء دولة حضارية كما يدعو لها المفكرون؟! كيف نحقق التنمية المستدامة التي أثقلت الأسماع وبحّت الأصوات من كثرة الدعوات، التي يطلقها خبراء ومفكرو الاقتصاد والسياسة.
ثم أن الأمر الآخر الذي يزيد الطين بلة فإن آلاف المشاريع الانتاجية معطلة، ترافقها بطالة مقنعة من دون إنتاج أو إنتاجية، وعاطلون يبحثون عن عمل وجامعات تخرج لنا آلاف الطلبة من دون عمل، والدولة متخمة وغاصة بالعطالة؟
هل سنستمر بميزان تجاري معوق كفته للاستيراد؟ دون تصدير، اما حان الوقت لاستثمار فوائض العائد النفطي لتفعيل الانتاج وانشاء صناديق سيادية، تحفظ حقوق الأجيال أم نخصصها للتبادل التجاري المزعوم.
من هنا ومن هذا المنبر الاعلامي الحر أدعو مفكري وخبراء الاقتصاد العراقيين أن يعيدوا النظر بمفهوم التبادل التجاري وحذفه من قواميس المصطلحات الاقتصادية بمفهوم آخر، لأنه حقاً (مزحة) احذفوه من المفاهيم الاقتصادية، فنحن على اعتاب نظام اقتصادي جديد يستند الى قدرة كل بلد لإشباع شعبه من الغذاء.