حذر مختصّون بالشأن الاقتصادي، من إمكانيّة زيادة نسب التضخم في البلاد مستقبلا، عازين ذلك الى جملة أمور يقف في مقدمتها قرار الفيدرالي الاميركي القاضي برفع نسبة الفائدة على الدولار بمقدار 0.5 %، مؤكدين أنّ العراق يستهلك قرابة 94 % من متطلبات المجتمع والسوق المحلية عبر فاتورة واردات أجنبية يتم تمويلها بالدولار، الأمر الذي يمكن أن يضيف فارقا سعريا مرتفعا جراء قرار البنك الفيدرالي الأميركي.
وتزامنت تحذيرات المختصين بالشأن الاقتصادي، مع إعلان وزارة التخطيط ارتفاع معدلات التضخم الشهري والسنوي، في حين كشف المستشار المالي لرئيس الوزراء، أنّ ارتفاع الفائدة على الدولار سيؤدي إلى ارتفاع كلفة القروض المسحوبة بالدولار، لا سيما التي تحدد فوائدها السنويّة على أساس الفائدة السوقية أو (المتحركة).
استهلاك العراق
الخبير الاقتصادي، الدكتور علي هادي جودة، يرى أن “قرار الفدرالي الأميريكي برفع نسبة الفائدة على الدولار بمقدار 0.5 % ونظرا لغياب دالة الانتاج الوطني في البلد إذ يستهلك العراق ما يقرب من 94 % من متطلبات المجتمع والسوق المحلية عبر فاتورة واردات أجنبية يتم تمويلها بالدولار، كل ذلك سينعكس على الأسعار، ومن ثم سيؤدي الى ارتفاع نسبة التضخم”.
وأوضح جودة، أن الأمر الذي سيساعد على ارتفاع معدلات التضخم، هو “ثبات الدخل العام، إذ تشكل الوظائف الحكومية ما يقرب من 23 % من إجمالي حجم السكانن وهنالك وظائف في القطاع الخاص غير منتظمة ومتدنية الأجور ولا ترقى وحجم التضخم الذي يهدد القوة الشرائيّة للطبقات الهشّة ومحدودة الدخل”.
الواردات السلعيَّة
ودعا الخبير الاقتصادي، الحكومة الى “انتهاج جملة سياسات لدرء مخاطر التضخم، بضمنها دعم فاتورة الواردات السلعية الأساسية بدولار سالب بنسبة 50 - 60 نقطة توازي بها وحجم الفائدة المفروضة على الدولار، مع ضرورة توفير التمويل الذي يفي ومتطلبات البطاقة التموينيّة لـ 12 شهرا”.
كما شدد الخبير جودة، على ضرور “توفير ما لايقل عن خمسة سلع تشكل أساسيات سلة المستهلك الغذائية (الطحين- الرز- السكر- الزيت- حليب الأطفال) شريطة ان تكون بجودة عالية ومن مناشئ عالمية، مع إعادة النظر في برنامج الحماية الاجتماعية والتأكيد على شمول الشريحة المستحقة حصراً، الأمر الذي من شأنه أن يؤدي الى رفع الرواتب للفئات المستحقة.
كما شدد المتحدث، على أهمية أن “يقوم البنك المركزي بمبادرة تمويل المشروعات الصغيرة ذات الأثر الانتاجي والاجتماعي وبنسب فائدة لا تتجاوز الـ 2% مع مدة سماح للسداد تبلغ سنة كاملة، مؤكدا أن كل ذلك سيقود الى السيطرة على التضخم وخلق نمو وتحريك لعجلة الاقتصاد.
وبهدف تحريك عجلة الانتاج والقضاء على البطالة وتقليل أثر التضخم، حثَّ الخبير جودة، على ضرورة “إعادة النظر في المنشآت الصناعية والزراعية والعقارية المتوقفة، وابتكار خطط لتحريك عجلة إنتاجها، إذ يمكن أن توفر فرص عمل وتلبي متطلبات السوق وتخفف من كاهل المالية العامة للدولة.
كلف القروض
بدوره، أوضح المستشار المالي لرئيس الوزراء، الدكتور مظهر محمد صالح، في حديث لوكالة الأنباء العراقية (واع)، أن “دلالات وتأثير رفع الفائدة من قبل البنك الاميركي، على الاقتصاد العراقي ذات شقين، الأول بكون البلاد هي الطرف المدين، إذ سيؤدي ارتفاع الفائدة على الدولار إلى ارتفاع كلفة القروض المسحوبة بالدولار ولا سيما التي تحدد فوائدها السنوية على أساس الفائدة السوقية أو (المتحركة) بالدولار والتي تؤشرها الأسواق المالية بالارتفاع مثل فائدة (الليبور) وهي فائدة الإقراض والاقتراض بين المصارف بالدولار في سوق لندن.
وأضاف صالح، “أما الشق الثاني وبكون البلاد هي الطرف الدائن فإنّ الاستثمار بالودائع الدولارية أو السندات الاميركية للعراق سيتوقع أن ترتفع عوائدها مستقبلاً بارتفاع معدلات الفائدة الاميركية بالغالب، وتتوقف على طبيعة الفائدة التعاقدية هل هي ثابتة أم متغيرة؟.
ولفت إلى أنه “في الأحوال كافة تبقى إدارة الاستثمارات الرسمية للبلاد هي الجهة الأكثر اقتداراً في التحوط الجيد، ذلك بإدارة مخاطر العملة الأجنبية أو الاحتياطيات الأجنبية بالدولار، ولا سيما مخاطر سعر الصرف وسعر الفائدة وذلك من خلال التنويع الجيد وتقليل المخاطر السوقية لمحفظة العراق المالية”.
التضخم السنوي
وفي آخر مؤشر لها، أعلنت وزارة التخطيط، عن رصدها ارتفاعا بمعدل التضخم الشهري خلال شهر آذار الماضي بنسبة (0.8 %) مقارنة مع شهر شباط الذي سبقه.
وذكر ذلك المتحدث الرسمي باسم الوزارة، عبدالزهرة الهنداوي، في بيان صحفي، أن معدل التضخم السنوي خلال شهر آذار الماضي، بالمقارنة مع الشهر نفسه من عام 2021 ارتفع بنسبة (5.2 %).
لافتا الى أنَّ ارتفاع معدل التضخم خلال شهر آذار المنصرم جاء متأثرا بارتفاع أسعار عدد من الأقسام، من بينها قسم الأغذية والمشروبات غير الكحولية الذي ارتفعت أسعاره بنسبة (1.6 %)، نتيجة ارتفاع أسعار مجموعة الزيوت والدهون بنسبة (5.7 %)، والخضراوات بنسبة (3.7 %)، والأسماك بنسبة (5 %)، والفواكه بنسبة (3.7 %)، واللحوم بنسبة (1.9%)، والخبز والحبوب ارتفعت أسعارها بنسبة (1.5 %).