ثامر الهيمص
استثناء أكثر من 250 مادة من الدفع الجمركي، حسب القائمة الصادرة عن مجلس الوزراء، أبرزها أنواع متعددة من السمنت والألبان، لكي نتجنب تبعات الحرب الاوكرانية الروسية من شحٍ وغلاء في أسواقنا، ومن ثم سيليها قانون لطوارئ الأمن الغذائي.
لا شكَّ أن هذه الإجراءات القانونية الملّحة ستشكل تراجعا للمنتج الوطني الذي يحبو، عدا السمنت، الذي انفرد قبل عامين، بتغطية الحاجة المحلية، ليكبح الآن بانواع جديدة لم نحتجها طوال فترة حماية السمنت، لتطل علينا الان ونحن في حومة الحرب التي حققت لنا وفرة مالية، وبنمو متوقع بنسبة 8.9% لهذه السنة، كما بشرنا البنك الدولي، رغم كبح جماح المنتج الوطني بتدفق جارف، بحيث يجرف موردنا الجمركي البالغ 12% من المقدر، بموجب قوائم الاستيراد واجازاته، إذ إن الهدف المعلن هو التخفيف عن الشرائح الهشَّة وغير الهشّة لتحقيق المساواة.
لا شكّ أن اقتصادنا الكلي تعرض لهزّة تخفيض قيمة الدينار، المؤثر الاساس الملموس على الدخول الهشة، فهل جاءت عملية الطوارئ الغذائية لتسد هشاشة التخفيض الرسمي،بداعي التاثير في الاستيراد المفرط لنعوضه بانفتاح مجاني وتصبح الجمارك مجرد بوابات كون المواد المعفاة جمركيا هي الرقم الأصعب في جداول الاستيراد؟ .
يلاحظ الآن تزايد مضطرد في حركة القطاع الخاص في بناء الوحدات السكنية فهل يعد إعفاء الأنواع الخاصة من السمنت يأتي في هذا السياق، رغم أنه لا علاقة له بالغذاء؟، وكل هذا هل سيعزز دينارنا لترتفع قيمته ويسهل للدخول الهشة الحصول على منازل؟ وهل هناك علاقة عكسية بين انتشار الأبراج السكنية وتفاقم العشوائيات؟.
لنصل الى استنتاج بأن جولات التراخيص النفطية لم تحسم أي من اشكاليات التخلف التنموي في الزراعة والصناعة إن لم يكن العكس، كما لمسنا بانخفاض نسبتيهما في الناتج القومي التي لم تصل 10 % ليعززها انخفاض الدينار مؤخرا، لتتراوح نسبة الفقر، حسبما اعلن مؤخرا بين 25 % الى 32 % وتصل في محافظات معينة إلى اكثر من النصف أو أقل قليلا، فجولات التراخيص النفطية بنوعيها (الخدمية والشراكة) باتت أولا مصدر ثراء غريب للنخب فقط.
لنخلص إلى دعوة لإعلان جولات غير نفطية تبدأ بالزراعة لمعالجة شح الماء كأمر واقع، باقامة مشاريع كبرى يكفيها المياه الجوفية، لنذهب للانتاج الحيواني من ألبان ولحوم وجلود وأصواف، بدلا من قوانين طوارئ لاستيراد لبن وباقي المنتج الحيواني من ملابس وصناعة جلدية، ولنتجه إلى إحياء صناعتنا بجميع الآلاف من مشاريعها المؤجلة منذ سنوات خلت.
فما المانع بجولات تراخيص للغاز لنتخلص من مشكلة توفير الكهرباء الوطنية، بدلا من الربط الخارجي المقلق، والتي لمسناها عند فرض عقوبات على مجهزي الغاز.
لقد علمنا أن هناك دعوة للرأسمال العراقي المغترب وغيره، بعودته للاستثمار، فهناك امكانات تعزز عملتنا وموقفنا الاقتصادي عندما تحسم قضية مشروع الفاو الكبير وانبوب البصرة - عقبة، حيث نكون مؤهلين لنمو حقيقي وليس بمقاييس صندوق النقد الدولي أو البنك الدولي فقط، لخوض نتائج ما بعد واثناء الحرب الأوكرانية، ليعود العراق الى سابق عهده مكتفيا
ذاتياً.