ياسر المتولي
يولي العالم موضوعة الانتقال نحو الاقتصاد الأخضر اهتماماً كبيراً، وقد قطعت أغلب الدول المتقدمة أشواطاً في هذا المجال .
وكانت الدراسات وتوقعات خبراء البيئة والاقتصاد قد حذرت، منذ عشرات السنوات، من خطر مقبل يهدد العالم يتعلق بالتغييرات المناخية والاحتباس الحراري وتناقص الموارد المائية مع تصاعد تأثيرات التلوث البيئي جراء استخدامات الطاقة بالوسائل التقليدية مما دفع العالم للاتجاه نحو الطاقة النظيفة لتقليل آثار التلوث البيئي وحدة الاحتباس الحراري .
لم تكن هذه الظواهر سبباً وحيداً لهذا التوجه، إنما التذبذب في سوق الطاقة وتحكم الدول المنتجة والمضاربات والأزمات هي التي دفعت بالدول للبحث عن الطاقة البديلة ومصادرها.
وما زاد الطين بلة، أن العالم واجه كوفيد -19 والذي خلف مشكلات مختلفة جراء توقف النشاط الاقتصادي وصعوبة النقل والعزل، ما سرع بالبحث عن البدائل، إذ قطع العالم أشواطاً عديدة وآخرها الإنجاز العلمي الصيني بإطلاق برنامج الشمس الصينية لانتاج الطاقة النظيفة والمؤمل البدء باستثمارها قريباً .
وما صناعة السيارات التي تعمل بالطاقة المتجددة إلّا مؤشر لاحتمالية الاستغناء عن الوقود في المستقبل، فكيف سيكون حال الاقتصاد العراقي مع انحسار الحاجة الى النفط مستقبلاً، وهو البلد الريعي الذي يعتمد المورد النفطي؟ .
صحيح أن هذا الحديث هو توقعات مستقبلية إلّا أنه وبكل الأحوال لا بدَّ من الانتباه الى مخاطر مستقبل الطاقة، ففي الوقت الذي كان العراق سباقاً في التعاطي مع التوقعات المستقبليَّة ومن المبادرين للتحوّط من آثارها الموجعة، إلا أنه بات في ذيل الدول الأقل اهتماما بالتوقعات المستقبلية .
وهنا تبرز أهمية تعزيز سبل الانتقال نحو الطاقة النظيفة لأهداف مزدوجة ومركبة في مقدمتها أنَّ العراق يعاني من معضلة توفير الطاقة الكهربائية بوصفها عصب الحياة والنشاط الاقتصادي بشقيه الصناعي والزراعي .
ثم أن العراق مصنّف من الدول الأكثر تأثراً في مجال التغيرات المناخية وتناقص الموارد المائية والاحتباس الحراري والتصحّر وفقدان مساحات عديدة من الاراضي الصالحة للزراعة بسبب غياب برامج الاستصلاح وطمر المبازل والتوسّع الحضري على حساب الأراضي الزراعية .
أضف الى ما تقدم فإنَّ العالم مهدد بتصاعد خطر تناقص الغذاء فالى جانب المتغيرات المناخيَّة ونقص الموارد المائية تأتي الحرب الروسية الاوكرانية وما ستخلفه من نقص محاصيل ستراتيجية تشكل حجما كبيرا في الغذاء العالمي .
كل هذه المؤشرات تستوجب الانخراط في التوجهات العالمية نحو التحول الى الاقتصاد الأخضر الذي يجنب العراق من خطر المجاعة المحتملة، في العديد من دول العالم .
يأتي ذلك في وقت تكثف الجهات المعنية جهودها في التفكير بالتحول التدريجي وليس السريع، وهذا ما يعني نحن في ذيل الدول التي تهتم بالكوارث، للأسف .
المطلوب تخفيف الروتين وفسح المجال أمام القطاع الخاص لتنفيذ وسائل الانطلاق نحو الاقتصاد الأخضر ومن أولوياتها الطاقة النظيفة، وكفانا تشكيل لجان مهمتها إعاقة الانطلاق لنكون مبادرين في الحل الأمثل
والسريع .