ثامر الهيمص
الى عهد قريب، كان اخوتنا الخليجيين يصطادون في البوادي العراقية، حيث الغزلان وطيور الحباري والصقر الحر المعروف بالعراقي، اذ يبلغ سعره آلاف الدولارات، كما أن أغلب رعاة الأغنام يتجهون للبادية حيث الماء
والكلأ .
ومع بداية السبع العجاف التي نواجهها، غير مسلحين بحلم يوسف (عليه السلام )، يبدو أننا نتجه صوب استراليا أو كندا، لأن اوكرانيا وروسيا مشغولتان ببعضهما، لكوننا نتاجر بدون تكافؤ.
بُشرنا أنه لدينا 24.68 مليار دولار متحققة من التعامل بسندات الخزينة الأميركية، حسب إعلانها في شباط الماضي، ويبدو أنها عدتنا للسنين العجاف، فالجارة العربية السعودية لديها نفط وصحراء عدا امتلاكها الرافدين، لكنها تمتلك ما تصدره لنا من بتروكيماويات وأسمدة، من صناعتهم النفطية التي انعشت زراعتهم، فضلا عن أنهم اتجهوا إلى سحب وتحلية مياه البحر من عوائد تصنيع وتجارة النفط ليوسعوا ويقيموا بحيرات غربا وجنوبا، حيث البحر الأحمر والخليج.
وهذه البحيرات ليست لترف الأمراء، بل للحد من حرارة جو لاهب لتتبخر، ومن ثم لتمطر وتلطف المناخ ليزرعوا ويطوروا ثروتهم الحيوانية، ومن ثم ليصدروا ألبانا وتمرا للعراق، كما شهدنا في رمضان
الفائت.
بات لدينا، كوليد غير شرعي، لملف المياه كون صحارينا كانت منتجة قبل مشكلتنا مع دول المنبع، ولذلك لا يصلح الرافدان ما أفسد الدهر، حيث التغير المناخي الذي لا نستطيع تحديد دوره في التصحر
عراقيا.
فهل أننا، عمليا، لم نهتم بالحزام الاخضر لننشغل بحزام آخر؟ أم أنه شغلتنا شقاوتنا البترولية بأنها عاصم لنا من طوارق الحدثان؟ رغم أن موقعنا رقمه 17 في جدول
الجوع.
ولكن هل أفادت خطر التصحر، تجربة 19 عاما خلت، من أن تقتدي بسنغافورة التي تأسست كدولة في 1965؟ او تسمع صرخات 32% من جياعنا، على ألا نكون مرتهنين لا للداخل ولا
للخارج.
نعم نستطيع بعد تحديد اولويات متواكبة من ملف المياه وما نحصل عليه لزراعة حديثة، اذ لا خيار سواء كان في ما بين الرافدين او في البوادي الثلاث، ونسحب مياه اللسان الملحي، عبر انبوب، الى بوادينا ومصدره لا ينضب كما نضبت منابعنا، ونملأ بحيرة ساوة وأخواتها من منخفضات كانت واحات ترعى بها غزلان وحباري وأغنام، يصاحبها بحث دؤوب جيولوجي وليس ايديولوجيا عن مياه نرشّدها لزراعة او لإنتاج حيواني.
ولعل أفضل مسار لهذا الانبوب هو مصاحبته لإنبوب النفط بصرة - عقبة ليحميه من الضواري ليرتع غزالنا من جديد
ممتنا.