بغداد: حيدر فليح الربيعي
حث مختصون بالشأن الاقتصادي، على ضرورة إقرار قوانين من شأنها دعم وتشجيع المشاريع الصغيرة والمتوسطة، مؤكدين أهمية تلك المشاريع في زيادة معدلات التنمية وتشغيل الأيدي العاملة وتحريك عجلة الانتاج المحلي، وفي حين شددوا على أهمية استغلال الوفرة المالية المتحققة جراء ارتفاع أسعار النفط في دعم الصناعات المحلية، اقترحوا استحداث بنك متخصص لدعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة والعمل على تقديم بيئة أعمال صالحة لنموها وتطويرها من خلال قوانين ساندة لهذا النوع من المشاريع. ووفقا لوزير المالية، علي عبدالأمير علاوي، فإنَّ العراق “سيكون له فائض من فارق بيع النفط بحدود الـ 20 مليار دولار”، مؤكداً أنه “في ظل الوفرة المالية الحالية من المستبعد اللجوء إلى الاقتراض”.
ورغم المكاسب الكبيرة التي يمكن أن يحققها الاقتصاد الوطني جراء تفعيل المشاريع الصغيرة والمتوسطة، فإن الخبير الاقتصادي مناف الصائغ، يرى خلال حديثه لـ “الصباح” أن “لتلك المشاريع أهمية قصوى في دفع عجلة التنمية، ومن خلالها يمكن تعزيز الواقع الاقتصادي وخلق فرص العمل وتقنين رأس المال اللازم لتطوير الواقع التنموي، فضلا عن خلق وفورات مالية لاستخدامها في تعزيز دور الأنشطة الصناعية والتجارية والخدمية المتنوعة لتمكن الاقتصاد من تحقيق المزيد من المرونة والفاعلية الانتاجية المتجددة والمتطورة التي تلبي حاجات المجتمع وتعزز من قيمه في الإبداع والانتاج والتطوير”.
واشترط الصائغ تحقيق جملة نقاط للنهوض بواقع المشاريع الصغيرة والمتوسطة، بضمنها “ضرورة أن تؤمن الحكومة أولا بأهمية ودور تلك المشاريع وقدرتها الاقتصادية الكبيرة، وأن تعمل على تشجع الشباب للانخراط في تلك المشاريع عبر الإجراءات التي ينبغي أن تكون يسيرة وغير معقدة ووفقا لسياسات اقتصادية مترابطة مع بعضها لتقديم بيئة اعمال صالحة لنمو تلك المشاريع وتطويرها”.
بنك متخصص
ويرى الصائغ، ضرورة “إنشاء بنك متخصص للصناعات الصغيرة والمتوسطة يهدف الى دعم الأنشطة الاقتصادية لتلك المشاريع عن طريق تقديم القروض والتسهيلات الائتمانية، وكذلك تقديم الخدمات الاستشارية في الأعمال الفنية والإدارية والمالية، ومن ثم ستُمكن تلك الشاريع من تجاوز العقبات المالية والإدارية التي قد لا تمتلك “تلك المشاريع في بداية أعمالها” القدرة على التعامل معها بسبب قلة الخبرة”.
كما اقترح الصائغ، إنشاء هيئة لدعم الصناعات الصغيرة والمتوسطة تعمل على تشجيع تلك الصناعات عن طريق توفير برامج متنوعة، كالمساعدات المالية والخدمات الإدارية والتسويق والتدريب والمعلومات، وان تقوم تلك الهيئة بمساعدة الحكومة عبر تقديم سياسات اقتصادية ترتبط بالمشاريع الصغيرة والمتوسطة وتكون مهمتها تحديث وسائل الانتاج وتقوية الأنشطة التعاونية بين المشاريع الصغيرة والمتوسطة مع إنشاء مدن صناعية متخصصة بهذا النوع من المشاريع.
ودعا المتحدث، الى استغلال الوفرة المالية المتحققة جراء ارتفاع أسعار النفط لتشجيع تلك المشاريع، والعمل على إقرار جملة قوانين لدعم وتشجيع الصناعات الصغيرة والمتوسطة وتحفيز الشركات المحلية الكبيرة على الانتاج والتعاون مع الشركات الصغيرة، مؤكدا أن الركيزة الأساسية لتطوير الاقتصاد تعتمد على المشاريع الصغيرة والمتوسطة ودفعها باتجاه تحقيق التنمية في البلد وخلق نشاط
اقتصادي.
مصادر الدخل
بدوره، أشار الباحث الاقتصادي، وعضو جمعية الاقتصاديين العراقيين، مقدام الشيباني خلال حديثه لـ “الصباح” الى انه “وانطلاقا من دستور العراق لسنة 2005 والذي تضمن ضرورة الانتقال من الاقتصاد الموجه الى الاقتصاد الحر، لا بد أن نركز على الدور المهم والمحوري للمشروعات الصغيرة والمتوسطة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية في العراق”، مبينا ان “اهمية تلك المشاريع تتجسد بشكل جلي في تنويع مصادر الدخل والاستخدام الأمثل لرأس المال، نظراً لأن مالك المشروع دائماً ما يسعى إلى إنجاح هذا المشروع كونه صاحب الامتياز في تشغيله وإدارته ومن ثم تحصيل الدخل الناتج عنه”. وأوضح الشيباني، أنه “ومع حصول العراق على وفرة مالية وإعلان البنك المركزي عن زيادة رأس ماله 5 ترليونات دينار، أدعو البنك المركزي العراقي وبالتعاون مع وزارة العمل للتوسع في منح القروض والسلف للعاطلين عن العمل لإنشاء مشاريع صغيرة ومتوسطة، مؤكدا أن أهمية تلك المشاريع لا يقتصر على زيادة الدخل وتنشيط الحركة الاقتصادية والتسويقية والإنتاجية، بل إنّها تسهم في توفير عدد كبير من الوظائف وبأقل التكلفة، ومن ثم الإسهام بدور مباشر ومهم في الحد من مشكلة البطالة التي يعاني منها
العراق”.
القوانين القديمة
وأشار الباحث الشيباني، الى أن “الأنظار بدأت تتجه مؤخراً نحو الاهتمام بالمشروعات الصغيرة والمتوسطة ودعمها من قبل عدد كبير من فئة الشباب الذين يبحثون عن فرصة عمل، لكنهم يواجهون الكثير من التحديات وأهمها مسألة التمويل وبعض القوانين القديمة التي لاتزال نافذة حتى الآن، مما يجعل عملية البدء بالمشروع صعبة ومكلفة كون هذه القوانين قديمة ولا تراعي التطور التكنولوجي الحاصل في العالم”.
وأوضح عضو جمعية الاقتصاديين، أن “الضوابط والتعليمات الصعبة لمنح السلف للعاطلين عن العمل والأقساط الشهرية العالية التي تثقل كاهل أصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة بالفوائد التي قد يعجز صاحب المشروع عن سدادها، فضلا عن أصل القرض، جميعها عوامل أدت الى تراجع العمل بتلك المشاريع، لذا على البنك المركزي العراقي إعادة النظر في فوائد القروض والأنظمة والتعليمات لمنح المزيد من السلف للعاطلين”.