ياسر المتولي
تتبجح المنظمات الأمميّة والتي تحمل صفة (الإنسانيّة) عنوانا لها، بأنّها قدمت وتقدم مساعدات للمهجرين او للعاطلين، عبر ماكنتهم الإعلامية والتي تتلقفها القنوات العربية كالببغاء متناسية او مستغفلة لمصادر تمويل هذه المنظمات .
إنَّ ما يعنيني هنا بلدي (العراق)، إذ ترهقني مفردة مساعدات إنسانية أمميّة للعراقيين بأي صفة أو وصف وذلك لأن ثراء بلادي يطعم القريب والبعيد وكرم العراقيين يغني الغرباء قبل الأقارب .
هناك مثل عامي شائع يقول (من لحم ثوره.. اطعمه) ينطبق على المساعدات (الإنسانيّة) التي تتشدق بتقديمها تلك المنظمات بين الفئات المذكورة، فمصادر التمويل لتلك المنظمات هي توقيفات أو استقطاعات إجبارية غير معلنة تفرض على الدولة من أموال الشعب لتتفضل بتوزيعها فتاتا بين هذه الشرائح.
إنَّ ما تدفعه المنظمات (الإنسانيّة) بيدها اليمنى تمتصه بيدها اليسرى من أموال الدولة بشتى السبل، وان ما أوصلنا الى هذه المواصيل وجعل هذه المنظمات تتصدق بأموالنا علينا هو غياب الإدارة الرشيدة وهدر الأموال، الى أن انزلق البلد الى الحاجة للاستدانة والاقتراض من صندوق النقد الدولي، الذي يسعى دائماً لإغراق الدول بالديون، التي يجني الفوائد الكبيرة من ورائها ويملي شروطه عليها بانتهاج السياسات التي تديم حاجة الدول لهذا الصندوق وغيره .
وحين أشرت الى انزلاق البلد الى الحاجة، افترض أن القارئ يعرف الأسباب التي خلفتها الإدارة غير الرشيدة للأموال ومنها الحروب العبثية وهدر الأموال وغيرها .
نحن الآن على اعتاب مرحلة جديدة رغم الانسدادات البارزة والصعوبات والتحديات التي يواجهها البلد إلا أنّ النتجية ستحسم، عاجلاً أم آجلاً، وأن الخطاب هذا، موجه لمن سيتصدى للمسؤولية في إدارة الملف الاقتصادي للبلد، فقد حان الوقت للاستغناء عن المساعدات (الإنسانيّة)، فهي منقصة من حقوق المواطن كونها توزع بالإنابة.
فعلى المتصدين للحكم، إدارة المال العام بما يؤمن مستقبلا واعدا وحياة حرة كريمة للمواطن، فخيرات البلد وثرواته تكفي لشعوب المنطقة، ثم أليس عيباً أن تتصدق هذه المنظمات على أبناء العراق؟.
إنَّ الإدارة الرشيدة تتطلب اختيار الرجل المناسب في المكان المناسب من أجل الخروج من مستنقع بدعة المساعدات (الإنسانية) واسدال الستار على هذه اللعبة التي باتت مكشوفة، وأن الأمل معقود بالتغيير المنتظر والمطلوب .