عبدالزهرة محمد الهنداوي
لايختلف اثنان على أنَّ الذهب، كان ومازال وسيبقى، عنصرا مهما في عمليات التوازن التجاري، وغطاءً وثيرا للتعاملات الماليَّة والمصرفيَّة، كما أنَّ هذا المعدن الأصفر الرنان، سيبقى حلما يداعب خيالات العذارى والسيدات في أرجاء المعمورة.
لهذا كله شهدت تجارة الذهب حول العالم، ازدهارا كبيرا، وبدأت بعض المدن الاقتصادية، تتحول الى مراكز فاعلة لبورصات عالميّة، ومنها دبي على سبيل المثال، التي تضم واحدا من أكبر المراكز لتنقية وتجارة الذهب في المنطقة، إذ يتعامل هذا المركز بنسبة 25% من حجم الذهب المتداول عالميا، التي تبلغ أكثر من 170 ألف طن، ولهذه الأهمية، فقد شهدت العديد من البلدان تأسيس مراكز وجمعيات واتحادات تتولى عمليات تنظيم تجارة وتداول الذهب، وحماية العاملين في هذا المجال.
وفي العراق، الذي يحتل المرتبة 38 بين 100 دولة بأعلى احتياطي في العالم، فالذهب "زينة وخزينة" وبه يُضرب المثل بغلاء وندرة وأهمية الأشياء، فإن ارتفعت أسعار الطماطة مثلا، فسرعان مايقارنها العراقيون بالذهب، وإذا ما أراد الرجل أن يخطب امرأة، فإن عليه ان يشتري لها ذهبا بـ "كذا" مليون او حتى مليار دينار، والذهب يمثل بارومتراً لقياس الكثير من المؤشرات، فهو يرتبط بالتضخم والاحتياطي من العملة الأجنبية، فضلا عن قياس المستوى المعيشي للفرد.
ولكن في المقابل، فإنَّ اللافت للانتباه، أن صاغة الذهب الذين يمثلون شريحة اقتصادية مهمة، لاتوجد جهة تتولى تنظيم أمورهم والدفاع عنهم والمطالبة بحقوقهم، إذ يتعرضون الى الكثير من المشكلات والتحديات والمعرقلات، والاعتداءات، ولكن لايوجد من يتبنى قضاياهم، على عكس الفعاليات الأخرى، فللصحفيين والأدباء والشعراء، والكتّاب، والمصورين، والممرضين، والمحامين والمهندسين والأطباء والصيادلة والمعلمين والفلاحين والعمال والمقاولين والتجار والصناعيين والنحالين والصباغين والنجارين والحدادين والبزّازين والصفارين ورجال الأعمال وأصحاب الفنادق والمطاعم والمطاحن، نقاباتهم وجمعياتهم واتحاداتهم ومجالسهم التي تساندهم وتضمن لهم حقوقهم، إلّا صاغة الذهب، مازالوا يعومون في الهواء الطلق من دون أي تنظيم مهني لهم، ولا نعلم، لماذا لم يبادر الصاغة العراقيون بتأسيس جمعية او نقابة لهم حتى الآن.
وفي الأخبار، يتحدث وزير التخطيط عن سعي الوزارة لتشكيل جمعية تعنى بشؤون هذه الشريحة المهمة، وبتقديري، أن هذا المسعى يمثل فرصة مناسبة للصاغة لاستثمارها في تأسيس الجمعية العراقية لصاغة الذهب، أو أي مسمّى ىخر، وأن يتم انضمام هذه الجمعية الى مجلس تطوير القطاع الخاص، أسوة بباقي الفعاليات الاقتصادية التي انضمت الى هذا المجلس.
وأعتقد، أن الخطوة المقبلة ينبغي أن تكون من قبل وزارة التخطيط، بوصفها الجهة المعنية برعاية وتطوير القطاع الخاص بجميع فعالياته، ان تدعو الصاغة العراقيين الى الالتئام، برعاية الجهاز المركزي للتقييس والسيطرة النوعية، الذي يتولى عملية تنظيم مهنة الصياغة في العراق، من حيث منح إجازات ممارسة المهنة، ووسم المصوغات، وقد تكون الخطوة متأخرة في الدعوة لتأسيس هذه الجمعية، ولكن أن تأتي متأخرة،
أفضل من أن لا تأتي أبدا، أليس
كذلك؟