بغداد: سها الشيخلي
تشهد أسواق العراق، الخاصة بالمواد الغذائية، ارتفاعا ملحوظا بأسعار مواد الزيت والرز والطحين، كونها تأثرت بعوامل خارجية زادت من الطلب المحلي عليها، لكونها أساس القوت اليومي للمواطنين، وبحسب مسؤول في وزارة التجارة، فإن معدل ارتفاع اسعار المواد الغذائية في العالم ككل، يشهد ارتفاعا أيضا في أسعار بعضها، ولكن عند مقارنة السوق العراقية مع دول الجوار، نلاحظ أن معدل الارتفاع أقل، بسبب تجهيز تلك المواد ضمن السلة الغذائية.
يقول معاون مدير عام دائرة الرقابة التجارية والمالية في وزارة التجارة الدكتور مالك عبد الله: إن “ ما زاد في هذا الارتفاع، تأخر صدور قانون الأمن الغذائي، وسط مطالبات من جهات عدة لوزارة التجارة بتوزيع مواد السلة الغذائية لجميع مستحقيها وزيادة مفرداتها وتوفير التخصيصات المالية لها ودعم المنتج المحلي”.
البطاقة التموينيَّة
ويشير عبد الله في حديثه حديثه لـ”الصباح” إلى أن “توفير التخصيصات اللازمة للبطاقة التموينية من خلال إقرار قانون الأمن الغذائي سيتيح للوزارة توفير ما يقارب من ثلاثة ملايين طن من القمح المنتج محليا، وسوف يكون أحد أهم اسباب استقرار أسعار تلك المادة، التي تعد الغذاء الرئيس لأغلب العراقيين”.
وأضاف “نرى بعض تجار الجملة والمفرد قد استغلوا الأزمة وكانوا السبب في رفع الأسعار، من خلال الاحتكار والمغالاة، والبعض الاخر تجار ذوو مروءة يعملون وفق معايير السوق”، مبينا أن “أغلب البضائع تدخل إلى العراق عن طريق التجار، مع ملاحظة وجود ارتفاع في اسعار المواد الغذائية عالميا، نتيجة التغيرات المناخية، وتداعيات الجائحة، والحرب الروسية – الاوكرانية، وارتفاع أسعار الوقود، والضرائب التي تفرضها بعض الدول على البضائع المصدرة، وامتناع بعض الدول المنتجة عن تصدير الفائض من انتاجها والاحتفاظ به كخزين ستراتيجي لها كما حدث مؤخرا في الهند، التي أعلنت إيقاف تصدير القمح في الوقت الحالي”.
بحوث السوق
بدوره اكد مدير مركز بحوث السوق وحماية المستهلك الدكتور محمود عبد الله لـ”الصباح” أن أسعار المواد الغذائية ترتبط بشكل كبير بالعرض والطلب، من ناحية ومن ناحية اخرى بسعر صرف الدولار، الذي شهد استقرارا في الأشهر الأخيرة”.
وأضاف “هذا ليس الخلل الرئيس، بل إن العرض والطلب واستغلال ضعاف النفوس لشح المواد في الاسواق المحلية سبب ارتفاعا في سعر زيت الطبخ، لهذا ليس هناك حتى الآن اسعار ثابتة لهذه المادة، فضلا عن التلاعب باوزان العبوات، فهناك عبوات بالف وأخرى ب900 واخرى بـ750 ملم، وهي غير معروفة للمستهلك، وعالميا فإن قنينة الزيت عادة هي لتر واحد، وكان سعره قبل التذبذب 1250 دينارا والآن أصبح سعره 3500 دينار، اي هناك طفرة كبيرة بالسعر”.
وتابع أن “بعض المختصين يقولون إن ارتفاع أسعار الزيوت عالمي، لكن هذا غير صحيح وغالبية الزيوت النباتية في أسواقنا مستوردة، مع بعض الإنتاج المحلي، وهناك من يقول إن سعر بذور (عباد الشمس) ارتفع عالميا إلى الضعف، وهذا غير معقول”.
ودعا عبد الله وزارتي الصناعة والتجارة الى دعم الشركات المحلية المصنعة، ليصل الى المستهلك العراقي بسعر مقبول ولينافس المستورد، وبالتالي فإن هذا الدعم سيقوي الصناعة الوطنية الغذائية ونحن بامس الحاجة في الوقت الراهن أن تنهض الصناعات الغذائية وتتوسع مصانعها وتزيد حضورها في السوق المحلية، ومن ثم لن نحتاج الى المستورد ونحافظ على العملة الصعبة”.
غياب الضوابط
وعن واقع أسواقنا من حيث الأسعار، لفت الدكتور عبد الله إلى أن “الأسعار متذبذبة وغير ثابتة وليس لها ضوابط، لذا نطالب الجهات الرقابية، وكلا حسب تخصصه، لاسيما الادوية، لوجود فوارق كبيرة بين أسعار صيدلية وأخرى بمراقبة الاسعار ومحاسبة المتلاعبين.
وعن واقع تجار الجملة والمفرد أشار عبد الله إلى أن “تاجر الجملة يستورد بضاعة بكميات كبيرة وبالتالي المفروض ان تكون أسعاره تلائم السوق، ولكن ما يحدث أن تجار التجزئة يتسوقون منهم، فاذا رفع السعر تاجر الجملة فإنهم سيرفعون السعر، وكل هذا يدور في محور العرض والطلب وسعر صرف الدولار”.
الصناعة الغذائيَّة
وعن أنجع الحلول لاستقرار أسعار المواد الغذائية اكد عبد الله “ ضرورة النهوض بالصناعة الغذائية الوطنية وتشجيع المصنعين المحليين، فشركات الألبان المحلية، تقريبا، لبت حاجة السوق من صناعات محلية في البصرة واقليم كردستان وبغداد باتت تغطي حاجة البلد، ونستطيع القول إن صناعة الألبان يمكن أن نحقق اكتفاءنا الذاتي منها، اذا ما توسع إنتاجها”.
وأوضح” بالنسبة للزيوت علينا إنشاء مصنعين أو أكثر، لأن المواد الأولية موجودة وأن المستثمرين موجودون، ولكن يجب أن يتم دعمهم وأن تحدد ضوابط لاختيار المواد الغذائية لتشجيع المنتوج الوطني”.
ورأى أن “استقرار أسعار المواد الغذائية يتحقق متى ما توفر المنتوج المحلي في السوق، وبالتالي سيستقر سعر المنتوج الوطني ويتوفر في السوق، ونتوقف عن الاستيراد”، لافتا إلى أن “مشروع الأمن الغذائي يتمثل بتأمين قوت الشعب والاكتفاء الذاتي بتشجيع الزراعة والاعتماد على تقنيات الري
الحديثة”.