محمد شريف أبو ميسم
بعد أن تكرر الحديث عن زيادة التدفقات الماليَّة لصالح الخزينة العامة الناجمة عن فوائض موازنة العام 2021 وزيادة الايرادات النفطيَّة للأشهر الأربعة الأولى من هذا العام بفعل الارتفاع الملحوظ في أسعار النفط، وما قيل بشأن توقعات صندوق النقد الدولي التي وضعت العراق في صدارة دول الشرق الأوسط والدول المصدرة للنفط بنسبة نمو 9.5 بالمئة للعام 2022، بما يؤكد صحة ما ذهب اليه المستشار المالي لرئيس الوزراء في منتصف نيسان الماضي كون العراق يعيش أفضل أوضاعه الماليَّة.
يدور الحديث اليوم عن ارتفاع الاحتياطيات النقديَّة في البنك المركزي الى نحو 74 مليار دولار على الرغم من محدوديَّة الصرف التي يتمّ بموجبها تحويل العملة الصعبة من الخزينة العامة لصالح المركزي مقابل الحصول على الدينار.
الأمر الذي يعزز أدوات السياسة النقديَّة مثلما أصبح الموقف المالي في أفضل حالاته.
ومن أجل تحويل هذه المعطيات الى واقع ينعكس على مشهد الاقتصاد الكلي، يكون من المفيد توظيف ما ورد في المادة 13 ثانيا وثالثا من قانون الإدارة المالية رقم 6 لسنة 2019 الى ممارسة فعليَّة، من خلال اعتماد البيانات النهائية لموازنة العام 2021 في صلاحيات الصرف، واعتماد حق الحكومة الحالية في الصرف على المشاريع المستمرة بموجب الذرعات والكميات المنجزة منها، وتفعيل دور المصارف الحكومية في تقديم القروض لإنشاء وتشغيل المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وحماية المنتج المحلي، لوضع حد لاستنزاف الاحتياطيات في تمويل التجارة الخارجية عبر إشباع الطلب المحلي بالمنتج الوطني.
فضلا عن أهمية حسم الملفات المتعلقة بشأن بعض مشاريع السكن المتوقفة بدعوى العجز المالي.
وحسم ملفات جميع المشاريع المعطلة بما فيها مشاريع الوزارات والحكومات المحليَّة، باتجاه تحريك السوق والخروج من حالة الكساد وتوظيف جميع الاستثمارات المنتجة لمورد الاقتصاد الوطني، وتشغيل الموارد البشريَّة الوطنيَّة في نشاطات ينبغي أن تكون مدرَّة للدخل ومعظمة للثروة في الوقت
ذاته.
من جانب آخر فإنَّ من المفروض أن ينعكس ارتفاع احتياطيات البنك المركزي من العملة الصعبة على العملة المحليَّة، وعلى قدرة القائمين على السياسة النقديَّة في كبح التضخّم، ما دام الاحتياطي يغطي أو يفوق النقد المحلي الصادر، ومن ثم زيادة الثقة بالعملة الوطنيَّة وزيادة استقرارها، بما يحافظ على القوة الشرائيَّة للأفراد من التقلّبات السعريَّة التي تصنعها
المضاربات.