د. براهيم الشمري
قدمت وكالة “ستاندرد اند بورز» (S&P) تقريرا بشأن التصنيف الائتماني، بينما اشادت باستمرار الاقتصاد العراقي بالمحافظة على تصنيفه الائتماني، نتيجة الإصلاحات الاقتصادية المستمرة للسياسة المالية (أدوات وزارة المالية)، والنقدية (أدوات البنك المركزي) في العراق. وتوقعت الوكالة انخفاض نسبة الدين الناتج المحلي في العراق في العام 2022 بشكل كبير جدا.
ويقيس التصنيف الائتماني مدى قدرة الدولة على سداد ديونها أو جدارتها الائتمانية، حيث وصل العراق في العام 2021 الى التصنيف «- B» ، وهو مؤشر جيد، مقارنة مع السنوات السابقة، مع وجود مخاطر في التخلف عن السداد، مع هامش أمان محدود، حيث أرهق البلد بالتزامات مالية، متمثلة بالقروض مع فوائدها التصاعدية، لكن القدرة على الاستمرار في السداد عرضة للتدهور في بيئة الأعمال.
وجاء تقرير الوكالة الخاص عن العراق في إطار “تقارير مخاطر” تتعلق بـ 138 دولة حول العالم، تحدد فيها مستويات الخطورة لكل بلد، بما يخدم شركات التأمين العالمية للوفاء بالتزاماتها المالية، بناء على دراسة وتقييم كل العوامل، التي تؤثر بشكل مباشر او غير مباشر في قطاع التأمين، ويتم من خلال تصنيف الدول بحسب خطورتها، حيث صنف العراق ضمن الدول الأكثر خطورة، اي أنه يشكل مجازفة كبيرة للاستقرار المالي للجهات الضامنة، إلا أن تحسن مستوى العراق الاقتصادي وكسبة ثقة المجتمع الدولي والاتحاد الأوروبي، وتسديد الالتزامات المالية الخارجية، منها لدولة الكويت والبالغ مقدرها (52) مليار دولار، وبهذا أصبح العراق جاذبا للاستثمارات الخارجية ورؤوس الأموال الأجنبية.
لقد أصبح لزاما على منظمات الائتمان الدولية، إعادة النظر في تصنيفاتها تجاه العراق وجدارته الائتمانية ورفعها لدرجتين اعلى، ما سيقلل كلف التمويل (الاقتراض الخارجي والداخلي)، وهذا ما تحقق فعلا، حيث أصبح التصنيف الائتماني ( - A).
وبهذا الصدد توقع البنك الدولي، أن العراق سيشهد اعلى نمو اقتصادي بين الدول العربية خلال العامين 2022 و2023، الا أن البلد لا يزال اقتصاده احاديا، وقال البنك في تقرير له في شباط 2022 من المتوقع أن يشهد العراق أعلى نمو اقتصادي من بين الدول العربية ودولة إيران خلال العام 2022، وبواقع 7.3 % ارتفاعا من 2.6 % في العام 2021 بعد انخفض هذا النمو الى – 15.7 % في العام 2020”، مبينا أنه من “المتوقع أن يبقى النمو الاقتصادي في العراق مرتفعا عن باقي الدول العربية لعام 2023، على الرغم من انخفاضه ليصل الى 6.3 %”.
من خلال ما تقدم نستنتج ارتفاع النمو الاقتصادي في اي بلد، مؤشرا ايجابيا لتحسن اقتصاده، إلا أنه بالوقت نفسه، ما زال يعتبر العراق أحادي الجانب، يعتمد بشكل رئيس على قطاعه النفطي، وكلما ارتفعت أسعار النفط وارتفع الانتاج يرتفع النمو في العراق، إلا أنه من الناحية الاقتصادية فإن الاعتماد على مورد واحد في تحقيق معدل النمو هو نقطة سلبية وليست ايجابية”.
وفي الختام نؤكد أن ارتفاع مستوى التصنيف الائتماني لا بدَّ أن يصاحبه نمو اقتصادي حقيقي، من خلال جذب المستثمرين الخارجين، والافادة من انخفاض كلف التمويل، إضافة الى ضرورة تنويع مصادر الدخل، والتركيز على القطاع الزراعي والصناعي والسياحي للمساهمة بشكل فعّال في تحقيق معدل النمو، وليس الاعتماد على النفط فقط في تحقيق زيادة معدل النمو.
*خبير مالي