آثار التضخم العالمي على اقتصاديَّات الدول

اقتصادية 2022/06/07
...

 ياسر المتولي 
 
أسدل الستار على النصف الأول من العام 2022، وقد صحت التوقعات التي أشارت لها التقارير الدوليَّة من أنَّ مؤشر التضخم العالمي سيتصاعد بوتيرة مخيفة استناداً الى المتغيرات المرصودة والتي تقود الى التضخم.
ولعلَّ ما سيعقد الأمور قرار البنك الفدرالي الاميركي برفع سعر الفائدة على قيمة الدولار لمعالجة الآثار التضخميَّة مما سيتسبب بانسحابه من الأسواق الناشئة بحثاً عن فوائد مضمونة من خلال أذونات صندوق النقد الدولي وتأثير ذلك على الاستمارات العالميَّة  .
إنَّ تفاؤل الدول في تحقيق معدلات النمو الاقتصادي خلال العام 2021 بعد انحسار كوفيد – 19، وعودة الحياة  الطبيعيَّة سرعان ما تضاءل بسبب توقعات انخفاض معدلات النمو في العام 2022، بسبب المعطيات المتحققة على الأرض وفي مقدمتها زيادة أسعار النفط، التي رافقتها ارتفاعات معدلات التضخم ولأسباب أخرى ومنها تراجع انتاج الطاقة وأثرها على انتاج الأسمدة الذي رافق ظاهرة الغلاء في أسعار الغذاء، وكذلك الحرب الروسيَّة الأوكرانيَّة التي أثرت على إنتاج الحبوب، وكذلك مشكلات سلسلة التوريد والمتعلقة باختناقات النقل ورفع أسعاره كل ذلك أسهم في رفع معدلات التضخم والتي دفعت بالبنك الفيدرالي رفع سعر الفائدة، وهكذا ترينا المعطيات فاعلية الدورة الاقتصاديَّة .
ما يعنينا هو ما مدى تأثير ارتفاع معدلات التضخم على الاقتصاد العراقي؟.
صحيح أنَّ الدولة تعيش نشوة ارتفاع أسعار النفط في العالم والتي عوّضت الى حدٍّ كبيرٍ بعض خسائر تراجع الأسعار في العام 2021، وتحقيق وفرة ماليَّة قوة المركز المالي للاقتصاد إلّا أنَّ هذه الوفرة سرعان ما ستتآكل في حال عدم استغلالها بشكل صحيح قبل فوات الأوان .
ذلك لأنَّ التوقعات المقبلة والمؤشرات تشير الى احتماليَّة انخفاض أسعار النفط إلى أدنى حدوده مع مؤشر ارتفاع معدلات التضخم .
عليه فإنَّ الحاجة تقتضي الإفادة من الوفرة الماليَّة واستثمارها، بما يجعل معدلات النمو الاقتصادي قادرة  على استيعاب تراجع الأسعار مستقبلاً .
وأنَّ جُلَّ اهتمامنا لا بدَّ من أن ينصب في الإسراع بدعم القطاع الزراعي وتفعيله لمواجهة موجة الغلاء والمجاعة المتوقعة عالميَّاً، والتركيز على القطاعات الانتاجيَّة والأهم من كل ذلك استحداث الصناديق السياديَّة للاستثمارات وكذلك الحفاظ على حقوق الأجيال .
إنَّ أي تصرّف بالوفرة الماليَّة خارج هذه الثوابت سيعرض اقتصادنا الى انتكاسة لا يحمد عقباها، إذ إن العالم بأسره منشغل الآن بمواجهة موجة المجاعة ونقص الغذاء وآثار التضخم العالميَّة التي ستسحق الغالي
 والنفيس .
إنَّ الحكومة ملزمة بتقديم المعالجات الأساسيَّة لاقتصادنا الوطني الذي عانى ما عاناه من تشوّهات وأنَّ الوفرة الماليَّة التي تحت اليد هي الفرصة الأخيرة لمواجهة تحديات وتوقعات المستقبل والعلم يركز على الزراعة مصدر الغذاء  .
لذا علينا أن نأخذ تحذيرات الخبراء وتوقعات المستقبل على محمل الجد .