أضرار تأخُّر إقرار الموازنة

اقتصادية 2022/06/08
...

 ملاذ الأمين 
 
ستة أشهر مرت على البلاد من دون إقرار الموازنة الماليَّة التي أخرت  تنفيذ المشاريع الستراتيجية ذات الأهمية الكبيرة في رسم مستقبل العراق وأجياله المقبلة، فرغم أنَّ العراق غني  بثرواته النفطيَّة وخصوبة أرضه القابلة للزراعة مع وجود مستوى مناسب من الصناعات، فإنَّه ما زال بحاجة الى مشاريع استثماريَّة جديدة تواكب التطورات الحضاريَّة الجارية في العالم وبما يتناسب وإمكانياته الماديَّة والبشريَّة.  
إنَّ تأخر إقرار الموازنة سيتسبب في عدم شروع الحكومة بتنفيذ المشاريع الاستثماريَّة ذات الفائدة على مستقبل البلاد، إذ إنَّه وحسب قانون الإدارة الماليَّة الذي ينص على تخصيص الأموال لإنفاق كل شهر بشهره وفقا لبرنامج موازنة العام الماضي ما يعني أن هذه الأموال الشهريَّة لن تكفي للشروع بتنفيذ مشاريع استثماريَّة كبيرة، وكما هو معلوم فإنَّ الموازنات تتألف من شقين أساسيين، الموازنة التشغيليَّة المغطاة بالقانون، والموازنة الاستثماريَّة التي تعتمد على إقرار الموازنة العامة ضمن توقيتات يشترط أن تقدمها الحكومة كاملة الصلاحيَّة الى رئيس الجمهورية الذي يقدمها بدوره الى مجلس النواب لمناقشتها وإقرارها لتعاد حسب السلم الأول باتجاه التنفيذ.
ومما تقدم فإنَّ عدم إقرار الموازنة للعام الحالي سيتسبب بعدم تنفيذ الكثير من المشاريع الاستثمارية لعدم وجود التخصيص المالي ما ينعكس سلبا على الطبقات الفقيرة بسبب عدم توفر مساحات جديدة للعمل التي تهيئها المشاريع الحديثة لاستقطاب عاملين جدد، إذ إنَّ الموازنة في حال الفشل في إقرارها ستتسبب بزيادة مساحات البطالة مع تزايد عدد السكان، وتأخر في نمو القطاعات الاقتصاديَّة في حقلي الزراعة والصناعة وتتبعها القطاعات الأخرى كالتجارة والنقل وغيرها، الى جانب توقيف حركة الأموال وعدم الاستفادة منها، ما يتطلب من القيادات السياسية الإسراع في تشكيل الحكومة لتلافي التأخير في تنفيذ المشاريع الستراتيجية المهمة والتي تخدم الأجيال المقبلة ولتجنب اتساع مساحات الفقر. 
وتعد الموازنات الماليَّة الأداة الرئيسة لتحقيق السياسات العامة للدولة خلال عام واحد، سواء في قطاع الاقتصاد، أو العلاقلات الاجتماعية، أو الخدمية، وهي عرض لخطط الحكومة وبرامجها السنويَّة، التي تعدّها استجابة للتحديات الحالية ورسم سياسات مستقبليَّة جديدة، فمن دون وجود أموال مخصصة للمشاريع بالاعتماد على موازنة العام السابق، فإنَّ عملية تنفيذ هذه المشاريع ستتوقف حتى وإن كان العمل في تنفيذ هذه المشاريع مستمر منذ الأعوام السابقة وحتى الآن.
ومما تقدم نتوقع أن تأخر إقرار الموازنة سيتسبب في اتساع رقعة الفقر وتزايد المشكلات الاجتماعيَّة وعدم إمكانية استيعاب أعداد جديدة من العاملين لعدم ولادة مشاريع جديدة وكأنّها حلقات متصلة مع بعضها البعض لتخرج بنتيجة 
متوقعة .
في المقابل هناك حلقة أخرى وهي حلقة إقرار الموازنة التي ستدور لتولد مشاريع جديدة مع تخصيص الأموال اللازمة والتي تتطلب أيادٍ عاملة جديدة لتشغيل هذه المشاريع ما يعني تدوير أوسع للأموال وتحقيق الفوائد المرجوة منها في خدمة الاقتصاد الأسري والوطني.
وطبعا هناك وقائع سلبيَّة أخرى كثيرة تنتج بشكل عرضي نتيجة تأخر إقرار الموازنة العامة ما يشكل ضغطا على الحكومة والقوى السياسية الإسراع في توفير الأجواء والدستوريَّة اللازمة لتسهيل إجراءات الإقرار لتلافي الانتكاسات الاقتصاديَّة والاجتماعيَّة فضلا عن سمعة العراق الدوليَّة.