صناعيّون ومزارعون ضد تصفير الرسوم الجمركيَّة

اقتصادية 2022/06/08
...

 بغداد: فرح الخفاف 
  كما كان متوقعاً، مدد مجلس الوزراء أمس الأول قرار تصفير الرسوم الجمركيَّة، رغم اختلاف الآراء بشأنه، ففي وقت يقف فيه الصناعيون والمزارعون ضده، رحب التجار به، وقبلهم أغلبهم المتبضعون، لاسيما بعد السيطرة نوعاً ما على أسعار البضائع والسلع. وأعلن رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي في مؤتمر صحفي عقب جلسة مجلس الوزراء مساء الثلاثاء، أنَّ المجلس صوت على تمديد العمل بقرار منح إجازات الاستيراد لمدة أربعة أشهر مقبلة.
 
وكان قرار مجلس الوزراء في جلسته المنعقدة في آذار الماضي الخاص بتصفير الرسم الجمركي على البضائع الضروريَّة من مواد غذائيَّة ومواد بناء ومواد استهلاكيَّة لثلاثة أشهر، وإعادة النظر بالقرار بعد معاينة الأزمة، وإلغاء القرارات كافة الصادرة بشأن حماية المنتج المتعلقة بحظر استيراد المواد الغذائيَّة والاستهلاكيَّة والأدوية والسماح باستيراد المواد لثلاثة أشهر أيضا، قد انتهى يوم 6 حزيران، ما دعا مجلس الوزراء إلى هذا التمديد الجديد. 
 
إضرارٌ بالمنتج الوطني 
وأكد المختص في المجال الصناعي عقيل السعدي لـ “الصباح”، أنَّ القرار أضرَّ بالمنتج الوطني، خاصة أنه فتح الأبواب مشرعةً أمام التجار.
وقال: “كان من الممكن أن يشمل القرار البضائع والمحاصيل الستراتيجية كالحنطة والزيت والطحين والسكر وبعض السلع الغذائية الضرورية، وليس كما يحدث حالياً، فالمستورد بدأ يغزو الأسواق”، مؤكداً “ضرورة أن تتم مراجعة القرار وأن يتم وضع جداول بالمواد التي يشملها”.
وأضاف السعدي أنَّ “القرار ألحق أضرارا كبيرة بأصحاب المعامل والمصانع، خاصة من الذين باشروا بالانتاج مؤخراً، ولم يجنوا أو يحققوا جدوى من عملهم او لم يكملوا تسديد ما عليهم من قروض، كمبادرة البنك المركزي”. 
 
أهميَّة استمرار التصفير
وكان المستشار المالي لرئيس الوزراء مظهر محمد صالح، قد رأى في تصريح خاص لـ “الصباح” قبل قرار مجلس الوزراء بـ 24 ساعة، أهمية الاستمرار بتصفير الرسوم الجمركيَّة والإجراءات الأخرى الملازمة لتشجيع القطاع الخاص على استيراد المواد الغذائيَّة الداعمة للأمن الغذائي ولوازم المعيشة والسلع الحياتيَّة الضروريَّة. 
 
تدهور القطاع الزراعي
إلّا أنَّ الخبير الزراعي حيدر فاضل، أكد لـ “الصباح”، حدوث خسائر لدى أغلب مربِّي الدواجن والمزارعين والمستثمرين.
وقال: “يعمل في القطاع الزراعي مئات الآلاف من المواطنين في بغداد والمحافظات، فضلا عن المستثمرين وأغلبهم تأثروا بشكل مباشر وغير مباشر بقرار فتح الاستيراد، لا سيما أنَّ القرار جاء في وقت يعاني فيه القطاع من قلة المياه وشبه انعدام للطاقة وارتفاع أسعار العلف والأسمدة بسبب ارتفاع سعر صرف الدولار أمام الدينار”.
وحذّر فاضل من “إمكانية أن تشهد المدة المقبلة تدهور القطاع الزراعي، إذا استمرت حالة اللا دعم له”.
بالمقابل، رأى تجار وأصحاب محال بالجملة في تصريحات لـ “الصباح”، أنَّ قرار التمديد خطوة صحيحة.
وأكدوا أنَّه (القرار) أسهم فعليّاً في السيطرة على أسعار السلع في الأسواق وكبح ارتفاعها الجنوني الذي حدث في شباط وآذار واستمر إلى نيسان، قبل نجاح الحكومة في السيطرة عليه. 
 
تحسّنٌ طفيفٌ بالأسعار
وفي إطار متصل، أشار مواطنون إلى أنّهم شعروا بتحسّن طفيف في الأسعار بعد القرار، إذ قالت نور التكريتي (موظفة في أحد المصارف): “الأسعار في الأسواق استقرّت نوعاً ما بعد موجة ارتفاع غير معقولة”.
وأضافت أنَّ أسعار بعض المواد الغذائيَّة كالزيت والبيض والدجاج انخفضت وعادت إلى معدلاتها التي كانت عليها قبل الأزمة، لكن في المقابل فإن أسعار سلع أخرى شهدت ارتفاعاً.. وعندما نسأل البائع يتحجج بسعر الصرف”.
ويتفق علي الموسوي (سائق تاكسي) مع ما ذكرته نور، ويقول: إنَّ “أغلب الأسعار ما زالت مرتفعة، ولم نشهد إجراءات حقيقية باستثناء فتح الاستيراد”، مؤكداً “وقوفه وتأييده للقرار، رغم تأكيده أنّه أثّر على بعض أصحاب المعامل والمصانع”.
بدوره، دعا أسعد غانم (موظف) إلى زيادة رواتب الموظفين والمتقاعدين لمواجهة موجة الغلاء التي اكتسحت كل شيء، حسب قوله.
وقال غانم: إنَّ “الأسواق شهدت ارتفاعاً لا مثيل له في الأسعار، ورغم خطوة مجلس الوزراء التي تعد جيدة، إلّا أنَّ ذلك غير كافٍ، فالرواتب نفسها والأعمال الحرة تواجه صعوبات، خاصة مع سوء الخدمات المقدمة كالكهرباء والوقود والمياه”، مبيناً أنَّ “ما نمرُّ به حالياً ليس خطأ الحكومة الحاليَّة، بل يتحمّل ذلك الجميع، وعلى القوى السياسيَّة الاتفاق على إيجاد مخرج سريع للأوضاع التي يواجهها المواطن 
البسيط”.