محمد شريف أبو ميسم
بموجب بيان حصص إنتاج النفط، الذي أعلنه تحالف أوبك بلاص الجمعة الماضية، سيبلغ إنتاج العراق من النفط الخام في الشهر المقبل نحو 4.580 مليون برميل يوميا، بزيادة 71 ألف برميل يوميا عن الشهر الحالي، وبهذا يستعيد العراق مكانته الحقيقية شيئا فشيئا بين الدول المصدرة داخل وخارج أوبك، فيما يستعيد عافيته المالية بموجب ارتفاع أسعار النفط الى نحو تجاوز 120 دولارا للبرميل، مع توقعات بزيادة معدل الأسعار الى نحو قد يصل الى 130 دولاراً بحسب توقعات الاستهلاك العالمي ازاء العقوبات التي ستزداد شدتها وعلى ما يبدو مع مرور الوقت على النفط الروسي.
في حين يتوقع التقرير الصادر عن اجتماع أوبك بلاص، إنهاء عمليات الإغلاق الناجمة عن جائحة كورونا في المراكز الاقتصاديّة العالميّة الرئيسة، وزيادة استهلاك المصافي العالميّة بعد الصيانة الموسميّة، الأمر الذي يعزز احتمالات زيادة الأسعار أيضا.
وبناءً عليه، فإنَّ توقعات معدل الايرادات النفطيّة خلال النصف الثاني من هذا العام عند سعر بيع 120 دولاراً للبرميل بعد طرح أجور خدمة الشركات، تصل الى نحو 549.6 مليون دولار يوميا، وهو ما يعادل 16.488 مليار شهريا، الأمر الذي يمنحنا فرصة تاريخية لاستثمار الفوائض الماليّة من عوائد النفط لمعالجة نقاط الضعف الناجمة عن تعاقب الأزمات الماليّة على البلد خلال السنوات الماضية، وما ترتب عليها بشأن ايقاف الصرف في المشاريع المقرة في الموازنة الاستثمارية للسنة الماضية، على الرغم من عدم إقرار قانون للموازنة العامة في هذا العام، اذ تمنح الفقرتان (2 و 3 من المادة 13 من قانون الادارة المالية رقم 6 لسنة 2019) للحكومة الحالية حق الصرف للمشاريع المستمرة، وكذلك اعتماد البيانات النهائيّة لموازنة العام 2021 في صلاحيات الصرف بمجرد تقديمها الى مجلس النواب للمصادقة
عليها.
يمكن وضع خطة انمائيّة مستدامة بموجب حجم الايرادات المتوقعة يمكن من خلالها إلزام الحكومات المتعاقبة على دعم القطاعات الحقيقيّة لإخراج البلد من حالة الاتكاء على المستورد في إشباع حاجة الطلب المحلي من السلع، عبر تعظيم إمكانيات الانتاج الوطني والحد من استنزاف العملة الصعبة بدعوى تمويل التجارة الخارجيّة، والحد من تضخم سوق العمل بالعاطلين وفق برنامج انمائي لاستثمار الموارد البشريّة، والكف عن الاستدانة الخارجية عبر تشريع قانون يمنع الحكومات المقبلة من الاستدانة ويحثها على تفعيل الكتلة النقديّة المكتنزة في المنازل، ومن دون ذلك فلا عذر لنا للخروج من حالة الارباكات المتعاقبة التي تتعدد أسبابها بدواعي الأزمات الماليَّة.