حرب العملات الصعبة

اقتصادية 2022/06/18
...

 ياسر المتولي 
 
إنَّ الحرب الاقتصادية بين اللاعبين الكبار حمى وطيسها والمتجسّدة في حرب العملات..
إلى أي مدى يبقى الدولار مهيمناً على مقدرات التعاملات الاقتصاديّة في العالم؟.
وهل ستتمكن محاولات بعض اللاعبين الكبارمن خفض مستوى هيمنة الدولار مستقبلاً؟.  
ولمعرفة ما اذا كان هذا التحدي ممكناً علينا مراقبة مجريات الأمور والنتائج المستخلصة لكي نبني توقعاتنا بشكل سليم.
منذ زمن ومحاولات تقزيم دور وهيمنة الدولار متواصلة من قبل اللاعبين الكبار روسيا والصين، إلّا أن محاولاتهم تصطدم بجدار صلب مقاسه حجم الهيمنة التي يحتلها الدولار باعتباره سيد العملات واللغة المشتركة بين العالم في تعاملاته التجاريّة والاقتصاديّة.
وللتذكير فإنَّ محاولات تأسيس البنك الآسيوي للاستثمار كان أحد هذه الوسائل بدلالات هدفه منافسة البنك الدولي في التعاملات لكن فاعليته كانت تسير ببطء.
لكن على ما يبدو أن الظروف مؤاتية ليتقدم خطوة سريعة الى الأمام ليصبح منافساً صعبا، وقوياً ولعل الروبل الروسي سيفتح الباب مشرعاً أمامه.
الدروس والعبر المستخلصة من هذه الحرب الاقتصادية ونتائجها ستسهم في صحوة العالم على واقع جديد يقود العلاقات الاقتصادية وسيفضي الى النظام الاقتصادي الجديد الذي نوهنا عنه هنا في مقالات سابقة.
وتشير التقارير والتوقعات الدوليّة الى ان الغرب سيحسد على ما سيلم به من خسائر في حال استمرت العملة الروسيّة في تعزيز مكاسبها وزيادة قوتها، وذلك من خلال التعزيزات الاضافية للروبل والتي ستؤول إلى تكاليف إضافية على الغرب عند شراء موارد الطاقة الروسيّة.
ولعلّ قرار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بقبول الدفع مقابل الغاز بالعملة الوطنية أدى إلى تعزيز قيمة الروبل بشكل كبير، وبذلك سيقع العبء الأكبر على كاهل الغرب، والذي سيجبر على التعامل بالروبل.
إنَّ استمرار الروبل في تعزيز قيمته في الأشهر المقبلة، سيحمل  الدول الغربية  تكاليف إضافية لتحويل عملاتها إلى روبل لدفع ثمن استيراد موارد طاقة لا يمكن تعويضها.
من ذلك نستنتج أنَّ مثل هذا التطور في الأحداث سيزيد الطلب على العملة الروسية في العالم، وسيظهر أيضا عدم فاعلية العقوبات.
إنَّ إجراءات البنك المركزي الروسي، أسهمت بشكل كبير في تعزيز العملة الروسيَّة لمكاسبها فهل هذا يعني أنَّه أي الروبل استطاع من تقليل هيمنة الدولار سيد العملات في العالم.
في ضوء هذا الواقع والمتغير دروس وعبر للدول وكيفية التخلي عن هيمنة الدولار على اقتصادها.
السؤال الذي يطرح نفسه الان ماذا لو انتهجت الصين ذات الأسلوب والسياسة النقديّة في فرض عملتها اليوان في التعاملات التجاريّة؟.
الخلاصة التي نستنتجها أنَّ هيمنة الدولار الاميركي مهددة بالتراجع، وذلك سيجعل كل دولة تعتمد عملتها في التعاملات، وبذلك سيحدث تغيير في شكل النظام الاقتصادي العالمي مستقبلاً.
لاشيء يبقى ثابتا على الأرض، كل شيء الى تغيير كما هو الحال في التغيير المناخي حول العالم.