ياسر المتولي
تعود الخصخصة الى الواجهة، كإحدى الوسائل الفاعلة في تصحيح مسار القطاعات الانتاجيّة (شركات، مصانع ومعامل)، كلما واجه القطاع العام تراجعا في الانتاج وخسائر لا تحتمل .
ومعروف حجم الخسائر التي سببها تعطل القطاع العام، وخروجه عن ساحة الانتاج لأسباب عدة، منها صعوبة منافسة المستورد، نتيجة سياسة الإغراق السلعي التي سببها الانفتاح على العالم واستيراد كل شيء بأثمان أقل بكثير من كلف الانتاج المحلي .
إنَّ أسلوب الخصخصة هو من ضمن منهج الاقتصاد الحر (الرأسمالي)، لذلك تجده يواجه بمعارضة واسعة بدعوى التفريط بالملكيّة العامة، فالقطاع العام حين يستحوذ على كل القطاعات فإنَّ هذا يندرج ضمن منهج الاقتصاد الشمولي (الاشتراكي).
المشكلة أو الجدل الحاصل هو ضمن دائرة إقرار الدستور الجديد بحتميَّة الانتقال الى اقتصاد السوق (الحر)، فكيف تحقق الإصلاح الاقتصادي والانتقال الى اقتصاد السوق وسط المعارضة الشديدة لأصحاب الرأي المعارض من مناصري الاقتصاد الشمولي الذين يعتبرون الخصخصة ضياع الملكية العامة وهنا يكمن الجدل حول الخصخصة .
ما الحل إذن؟
هنا يبرز فريق ثالث من خبراء الاقتصاد ينادون بالاقتصاد الاجتماعي، ويعرف بأنَّه فرعٌ من علم الاقتصاد الذي يدرس العلاقة بين النشاط الاقتصادي والسلوك الاجتماعي، والذي يعني الجمع بين المنهجين والخروج بأنموذج ناجح، وهذا في تقديري الحل الأمثل لحسم الجدل في الخصخصة، إذ تأخذ الجوانب التي تميّز القطاع الخاص، وهي الإدارة الناجحة للمشاريع عبر برنامج (الربحيّة أساس الاستمرار)، ومن ثم تأخذ ميزة القطاع العام المالك للمشاريع ولعوامل الانتاج ودمجها لتحقيق ديمومة الانتاج وتحقيق الأرباح وتخليص القطاعات الانتاجية من الخسائر وتوزيع الفائدة بين جميع الأطراف، وذلك من خلال تأسيس شركات مساهمة تسمح لجميع العاملين بالمساهمة برأس الأموال للحصول على جزء من الأرباح، وبذلك نضمن الحفاظ على الأصول وحمايتها من تغير أصنافها او استخداماتها لأغراض المضاربات .
من هذا المنطلق يتحدد مفهوم الاقتصاد الاجتماعي المستند الى مزايا الخصخصة الموجهة، مضافاً إليها مزايا القطاع العام، وفي مثل هذا الحال تكون الفائدة للجميع .
لذا يتعيّن على الحكومة المقبلة تحديد منهاجها الاقتصادي ليتمكن خبراء الاقتصاد من وضع الحلول الناجعة لخلاص الاقتصاد من التشوّهات البنيويّة والحل يكمن بمنهج الاقتصاد الاجتماعي .
نعم، هي مرحلة نحو تحويل الشركات العامة الى عامة مساهمة بدلا من الخصخصة.. إذ يسمح قانون الشركات العامة بهذا النمط من الشراكة في التملك ولكن لم تفعّل المادة الخاصة بهذه الفقرة من القانون النافذ حتى الآن والمطلوب تفعيلها .