موازنة 2023.. نفقات استهلاكيَّة مبالغ بها

اقتصادية 2023/01/05
...

 بغداد: شكران الفتلاوي


دعا مختصون في شؤون المال والاقتصاد الحكومة ووزارة الماليَّة إلى ترشيد المصروفات الاستهلاكية المدرجة ضمن النفقات التشغيلية لموازنة 2023، بعد وصولها إلى أرقام مبالغ بها خلال العام الماضي، وطالبوا بإبداء شفافية أكبر في الإعلان عن تفاصيل ومعلومات الموازنات والبيانات المالية.

وأعلن رئيس الوزراء محمد شياع السوداني قبل يومين استثمار العطلة التشريعية لمجلس النواب لإجراء مناقشات مستفيضة لموازنة 2023 ومحاولة ربطها بفقرات البرنامج الحكومي لأول مرة.

وقال الخبير المالي والاقتصادي الدكتور أحمد الهذال لـ"الصباح": إنَّ بيانات دائرة المحاسبة في وزارة المالية لغاية تشرين الأول الماضي تشير إلى وصول مصروفات الموازنة الجارية إلى نحو 79 ترليون دينار منها رواتب الموظفين بواقع 36 ترليون دينار، وفي حال إضافة نحو 3.6 ترليونات دينار لشهري تشرين الثاني وكانون الأول، سيصبح المجموع الكلي للرواتب قرابة 43.5 ترليون دينار.

وأضاف أنَّ حسابات الموازنة الجارية من المتوقع أن تصل مع الرواتب المذكورة خلال العام الماضي إلى نحو 99 ترليون دينار، والموازنة الاستثمارية 6 ترليونات فقط، مع إضافة صافي سلف الموازنة (السلف الجارية- السلف الاستثمارية) البالغة 15.751 ترليون دينار، وبالتالي يصبح الإنفاق الفعلي نحو 120.80 ترليون دينار.

وبين أنَّ الإيرادات العامة بلغت لغاية تشرين الأول الماضي 136 ترليون دينار، أغلبها متأتية من بيع النفط، أما الفائض فقد يصل إلى 43.2 ترليون دينار، موَّل جزء منه نفقات لقانون الأمن الغذائي والمتبقي سيدوّر في الموازنة المقبلة لتغطية العجز المخطط.

ولفت الهذال إلى أنَّ جانب الاستنزاف في المصروفات العامة ليس رواتب الموظفين، وإنما النفقات الجارية عدا التعويضات، إذ قد تبلغ نحو 55 ترليون دينار سنوياً، وهذا الرقم مبالغ فيه، فعلى من يريد إصلاح الموازنة أن يضع برامج حقيقية لكيفية إنفاق هذا النوع في الموازنة، لا أن تنفقه الوزارات على مجموعة بنود منها مستلزمات سلعية وخدمية وصيانة موجودات ومنح وإعانات وفوائد والتزامات ومساعدات خارجية ومديونية.

وأوضح أنَّ المشكلة في الموازنات العامة أنها تخفي الكثير من المعلومات، وتفتقد إلى الوضوح والشفافية التي وصل مؤشرها في مؤسسة شراكة الموازنة الدولية إلى أدنى مرتبة (3)، وهذا بسبب طبيعة إعدادها التقليدي، وكذلك تعمد إصدار هكذا موازنة لتسهيل عملية تبويب نفقات لا يعلمها إلا واضعها ومن هو أعلى منه في موقع المسؤولية.

وتابع الهذال أنَّ قانون الإدارة المالية لسنة 2019 نص على مبدأ الشفافية الذي يستلزم أن تنشر معلومات الموازنة وفق المعايير المقبولة دولياً وأن تكون متاحة علناً للجمهور، واشترط كذلك أن تنشر وزارة المالية تفاصيل البيانات المالية في المواقع الإلكترونية الحكومية وخلاصة النشاطات من قبل مجلس الوزراء ووثيقة السياسة المالية المقترحة.

من جانبه، توقع الخبير الاقتصادي الدكتور عدنان بهية خلال حديثه لـ"الصباح" عدم اختلاف الموازنة الحالية عن سابقاتها، فهي وحسب المعطيات ستكون تشغيلية تفوق بكثير الاستثمارية أو التنموية ويمكن أن تسمى موازنة "إرضائية".

ودعا بهية إلى ضرورة الاستفادة من الفروقات المالية الناتجة عن ارتفاع أسعار النفط لتغطية العجز وسداد الحاجة، والاستفادة من الكم الهائل من الإيرادات النفطية، وإيجاد موارد أخرى غير نفطية مع الالتفات الكامل من الحكومة لتشغيل المعامل والقطاعات الخاصة لزيادة الإيرادات غير النفطية، والتخلص من الريعية أسوة بالكثير من الدول الإقليمية ودول الجوار.

ومن المرجح أن ترفع الحكومة موازنة 2023 إلى مجلس النواب مع بداية فصله التشريعي المقبل بغية إقرارها، بعد غياب تشريع موازنة 2022 والاقتصار على قانون الأمن الغذائي.


تحرير: علي موفق