بغداد: عماد الإمارة
لفت مختصون في الشأن الاقتصادي، إلى امتلاك العراق السيولة المالية التي تمكنه من تجاوز الأزمات الاقتصادية الناجمة عن ارتفاع سعر الصرف، مشيدين في الوقت ذاته، بإجراءات البنك المركزي الهادفة إلى إجهاض ارتفاع العملة الأجنبية أمام الدينار، والذي أثر بشكل كبير في مجمل العملية الاقتصادية، وأسهم بحصول ارتفاعات واضحة في نسب التضخم، في حين أشاروا إلى أن «الدولرة» لاتشكل عقبة خطيرة أمام تحقيق أهداف النمو الاقتصادي.
وحقق العراق خلال العام الماضي، عائدات مالية عن بيع البترول قدرت بنحو 115 مليار دولار، وفقاً لوزارة النفط، وهو الرقم الذي يراه مختصون “مطمئناً” وقادراً على مواجهة تقلبات سعر الصرف الذي تجاوز 1600 دينار لكل دولار، مؤكدين أن خطوات السلطة النقدية المتمثلة بالبنك المركزي، كفيلة بوضع حد لجموح الدولار خلال الفترات المقبلة.
وقال الأكاديمي والباحث الاقتصادي، الدكتور عبد الكريم العيساوي، في حديث لـ”الصباح”: إن “”الدولرة” تعرف بأنها حيازة المواطنين (المقيمين) لجزء كبير من أصولهم في شكل أدوات مقوَّمة بالدولار، وهذه الظاهرة انتشرت في العديد من الدول النامية بشكل عام وفي الدول التي تنفِّذ برامج التصحيح التي يضعها صندوق النقد الدولي، وهذه الظاهرة وفق رؤى البعض لاتشكِّل عقبة خطيرة أمام تحقيق أهداف النمو الاقتصادي أو في تسريع معدلات التضخم في الدول التي تتواجد فيها هذه الظاهرة جزئياً، ولكن في حالة تحولها إلى ظاهرة كلية أي بمعنى تكون جميع التعاملات الاقتصادية في الدولة بـ”الدولرة” سيؤدي إلى ذلك إلى أضرار اقتصادية ناجمة عن سرعة تداول النقود والمضاربات.
ولفت العيساوي، إلى أن العراق دولة نفطية غنية وتمتلك احتياطيات ضخمة، وتمثل الإيرادات المالية من النفط الخام رافعة اقتصادية كبيرة في ظل الحاجة المستمرة للبترول العراقي من قبل الدول المستهلكة، مبيناً أن “ازمة نافذة العملة الأخيرة صدمة مالية في توفير السيولة من الدولار لسد حاجة التجار والمواطنين، ورغم ذلك فإن المؤشرات النقدية تعد ملائمة للسوق العراقية والاحتياطيات المختلفة لدى السلطات النقدية في العرق تغطي الواردات بأكثر من مرتين ونصف، وحسب الإيرادات المالية لعام 2022 والبالغة 115 مليار دولار وحجم الاستيرادات السلعية الشهرية البالغة قرابة 4 مليارات دولار فقط، وفقاً للمتحدث.
ويرى الخبير العيساوي، أن “الاحتياطيات المالية قادرة على تغطية خدمة دين العراق، أي بمعنى لدى البلد حجم من السيولة الدولية قادر على تلافي صعوبة تسديد الديون الخارجية والداخلية”، داعياً “السلطة النقدية إلى أن تنظم كيفية عمل نافذة العملة، لترسل إشارات مهمة إلى السوق والقطاعات المحلية تطمئن الجميع من خلالها على أن الدينار العراقي بعيد عن انخفاض قيمته، ولجعل عملية “الدولرة” في نطاقها الجزئي وهي ظاهرة تعد طبيعية في بلد يربط عملته بالدولار من خلال بيع النفط.
من جانبه يرى الأكاديمي، الدكتور عمرو هشام، أن الكلام عن “دولرة” الاقتصاد العراقي نتيجة تقلُّبات سعر صرف الدينار في الأسابيع الأخيرة كلام مبالغ فيه جداً ويفتقر إلى الموضوعية، إذ من غير الصحيح هاجس انهيار العملة وأن نسبة التقلُّبات لم تتجاوز 8 بالمئة، والجهود التي اتخذها المركزي نجحت في تقليص هذه النسبة إلى 5 بالمئة، منتقداً السماح بالتعامل في كثير من المفاصل بالدولار، كسوق السيارات والسلع الكهربائية لابل وحتى سوق العقارات والأراضي
في بعض الأحيان.