الذكاء الاصطناعي يساعد في اكتشاف سرطان الثدي

علوم وتكنلوجيا 2023/06/14
...

 أدنبرة: بي بي سي

تجرى حاليا في مستشفى أبردين الملكي باسكتلندا (Aberdeen Royal Infirmary) تجربة لمعرفة ما إذا كان بإمكان الذكاء الاصطناعي مساعدة أطباء الأشعة الذين يفحصون الآلاف من صور أشعة الثدي {الماموغرام} كل عام للكشف عن الإصابة بسرطان الثدي.
هذه التجربة ساعدت في اكتشاف إصابة السيدة جوون - وهي عاملة بالمجال الصحي وإحدى المشاركات في الدراسة - بمرحلة مبكرة من سرطان الثدي، وهي تستعد الآن للخضوع لجراحة لاستئصال أحد ثدييها.
يستخدم جهاز الماموغرام مستوى منخفضاً من الأشعة السينيَّة لاكتشاف الإصابة بسرطان الثدي، من خلال رصد أي تغيرات يصعب الشعور بها أو رؤيتها لكونها متناهية الصغر.
وفي حين تصدرت مؤخراً تصريحات لخبراء بارزين في هذا المجال أعربوا فيها عن مخاوفهم من أنَّ الذكاء الاصطناعي قد يؤدي إلى فناء البشرية - عناوين الأخبار، فإنَّ التطبيقات الأكثر عملية للتقنية أثبتت بالفعل فعاليتها في القطاع الصحي.
وتعني إمكانية تسريعها لعملية اكتشاف الأمراض وتصنيع الأدوية أن العديد من العلماء والأطباء ينظرون إلى الذكاء الاصطناعي بوصفه أداة قوية وناجعة يمكنها أن تساعد المتخصصين بدلًا من أن تحل محلهم.
تجرى حاليا تجربة تستخدم الذكاء الاصطناعي في فحوص اكتشاف الإصابة بسرطان الثدي بمستشفى أبردين الملكي.
ووفقاً لبيانات الصحة العامة في اسكتلندا، فإنَّ عدد حالات الإصابة بسرطان الثدي التي تم رصدها من خلال أشعة الماموغرام للنساء من جميع الأعمار ارتفع إلى 1830 حالة بين عامين 2021 و2022 في اسكتلندا.
يقول الدكتور جيرارد ليب المدير الطبي لبرنامج فحوص سرطان الثدي بشمال شرق اسكتلندا إنَّ "هناك فرصة للإخفاق في اكتشاف بعض حالات الإصابة بالسرطان بسبب العدد الكبير من الحالات".
وتمت الإشارة إلى مشروع GEMMINI - وهو مشروع مشترك بين هيئة الخدمات الصحية الوطنية وجامعة أبردين والقطاع الخاص بهدف فهم تأثير استخدام الذكاء الاصطناعي في فحوص سرطان الثدي - في استراتيجية الذكاء الاصطناعي التي دشنتها اسكتلندا في العام 2021.
وقد طورت شركة خيرون مديكال تكنولوجيز Kheiron Medical Technologies أنموذجاً للذكاء الاصطناعي أطلقت عليه اسم "ميا" (Mia)،وهو النموذج الذي استخدم في تجربة مستشفى أبردين، ووفرت شركة مايكروسوفت خدمات الحوسبة السحابية اللازمة لدعمه.
وحيث إنَّ القواعد المطبقة في الوقت الحالي والتي وضعتها لجنة الفحوص الطبية الوطنية تحظر الاستخدام التلقائي للذكاء الاصطناعي في الفحص الطبي، فإنَّ الدكتور ليب وغيره من أطباء الأشعة يجربون حالياً استخدامه كفحص إضافي في المرحلة النهائية لمراجعة فحوص الماموغرام. وقد أجريت لجوون، وهي إحدى المشاركات في التجربة والتي خضعت لجراحة متعلقة بسرطان الثدي من قبل، عملية استئصال نسيج من الثدي بعد أنْ أخبرها الدكتور ليب كيف ساعدت أداة الذكاء الاصطناعي في رصد تغير مثير للقلق. وقد شرح الدكتور ليب كيفية عمل تقنية الذكاء الاصطناعي باستخدام نتائج فحص ماموغرام لسيدة بدون الكشف عن هويتها. "ما نراه الآن هو عبارة عن صورتي ماموغرام أخذتا من الجانب الأيمن والجانب الأيسر، وما نبحث عنه هو الاختلافات".
ومن خلال الضغط على زر، يستطيع أطباء الأشعة رؤية وفحص الاختلافات التي رصدها الذكاء الاصطناعي بين الصورتين.
وأشار الدكتور ليب إلى منطقة أحاطها برنامج الذكاء الاصطناعي بدائرة، وحددها على أنها المنطقة الرئيسية المثيرة للقلق. وأضاف: "عند إجراء الفحوص، الهدف هو تحديد المشكلات في مهدها وقبل أن تتفاقم".
بعد بضعة أسابيع من استئصال عينة من نسيج الثدي، أخبرت جوون أن استخدام الذكاء الاصطناعي عوضاً عن شخص ثان جعل العملية تبدو أقل اقتحاماً للخصوصية.
وقالت جوون: "الصور معروضة على الشاشة، وأشخاص ينظرون إليها. أما عندما يستخدم الذكاء الاصطناعي، فيختفي ذلك الشعور بأن شخصاً ما ينظر إلى تلك الصور".
وقد أشارت نتائج فحص عينة نسيج جوون إلى أنها بحاجة إلى الخضوع إلى الجراحة مرة ثانية.
أضافت جوون: "أظهر فحص النسيج أنني مصابة بالسرطان في مراحله الأولى، فمن المؤكد أنهم رصدوه في مرحلة أبكر هذه المرة. ولأنني لدي تاريخ سابق [مع السرطان]، فإنني سوف أخضع لجراحة استئصال الثدي". "إنه ليس العلاج الذي أريده، لكن في الوقت ذاته من المطمئن أنه تم اكتشاف الإصابة".
يقول بيتر كيسكيميثي المؤسس المشارك لشركة خيرون إن التقنية سوف تستخدم من قبل أكثر من 30 إدارة تابعة لهيئة الخدمات الصحية عبر مختلف أنحاء المملكة المتحدة، وسوف يكون بإمكان الملايين من الأشخاص الاستفادة منها.
وحيث إن بعض الإدارات الصحية في إنكلترا تعكف حاليا على دراسة كيفية الاستفادة من الذكاء الاصطناعي لإعطاء نتائج أفضل وأسرع لمريضات سرطان الثدي، يبدو أن التقنية سوف تواصل لعب دور كبير في مساعدة الأطباء على إنقاذ حياة المريضات.