السويد: عامر مؤيد
أثار قرار أحد اللاجئين العراقيين الذين يتواجدون في السويد، حرق القرآن الكريم "الكتاب" المقدس بالنسبة للمسلمين، استهجاناً ورفضاً كبيراً من قبل المجتمع العربي.
الاستهجان لم يقتصر على "المسلمين" فقط بل هناك أوروبيون ومنهم سويديون بالضد من هذا الفعل لاسيما وأنه يندرج ضمن لائحة عدم احترام المعتقدات وآراء الآخرين.
الأمر يتعدى مسألة حرق كتاب سماوي وعدم احترام الآراء، إذ أن المخاوف لدى الأوربيين من إمكانية أن يؤثر هذا الفعل في السلم الأهلي المجتمعي في هذه البلدان.
نالتاليا كيرشك- مواطنة سويدية تستغرب في حديثها لـ"الصباح" عن السماح لأي شخص بحرق كتاب سماوي لأن الأمر فيه تعدي على حرية التعبير والرأي وأيضا يولد العنف".
ترى كيرشك أن "الأمن المجتمعي هو الأهم وفي بلد مثل السويد، توجد نسبة كبيرة من المسلمين ومثل هذا الفعل يؤدي الى غضبهم ومن الممكن ان يتطور إلى شجار بين مؤيدين ورافضين".
لا تخفي كيرشك مخاوفها، إذ تؤكد أنها "كانت تعتقد ان تكون هناك أعمال عنف في الشارع من قبل معارضين لقضية حرق القرآن كون هذا الأمر يتعدى على خياراتهم الشخصية ولا يحترمها أيضا".
الخشية أن يكون هناك تكرار لمثل هذا الفعل، وهذا ما تؤكده كيرشك التي تقول إن "هناك طلبات لحرق كتب سماوية أخرى وفي حال السماح للقيام بذلك فهذا ينذر بخطر حقيقي يهدد السلام الذي تعيشه مع مناطق السويد".
سلوان موميكا الذي قام بفعل حرق "القرآن" ليس كما روج له بأنه حاصل على الجنسية السويدية بل هو الى الآن لا يملك "الإقامة المؤقتة".
مصدر لـ"الصباح" ذكر أن "مسألة حرق القرآن من قبل الشخص العراقي سلوان موميكا هي تتعلق بقضية بقائه في السويد والحصول على الإقامة الدائمة، لأنه يحمل الإقامة المؤقتة ولديه حكم من المحكمة الإدارية في السويد بقضية جنائية قام بها في العام الماضي".
يضيف المصدر أنه "بحكم القوانين الجديدة والمتغيرات من قبل الحكومة السويدية حول قضية الهجرة واللاجئين فإن الشخص الحاصل على الإقامة المؤقتة سيكون من الصعب جداً ان يحصل على الإقامة الدائمة أو الجنسية السويدية في حال كانت لديه مخالفات قانونية وجنائية".
وعرف عن موميكا ميوله الفكرية التي تتغير بين حين وآخر، وربما تكون واحدة من الأسباب التي دعته لهذا الفعل هو لضمان حصوله على اللجوء السياسي والبقاء في السويد بعد ردة الفعل الكبيرة من العراق. بعض السويديين يريدون انتهاء القصة عند هذا الحد وعدم تكرار ما حصل حتى لا يزيد الشرخ بين المتعايشين داخل هذا البلاد من خلال تشريع قانوني يمنع المساس بأي كتاب سماوي أو ازدراء الأديان.
Kantar puplic مركز مهتم بالاستبيانات في السويد، قام بعمل استبيان بعد حادثة "موميكا" وسأل السويديين عن قضية حرق القرآن، حيث طالب 51 بالمئة منهم بحظر حرق الكتب السماوية في الأماكن العامة.
وزادت نسبة المطالبة بحظر الحرق 13 بالمئة عن الاستبيان الذي أقامه المركز ذاته في شهر شباط الماضي، ولكن هذا لا يعني عدم وجود مؤيدين داخل السويد لمثل هذه الحادثة.
الكسندر روبرت أحد السويديين المطالبين بهذا القانون يؤكد في حديثه لـ"الصباح"، أن "المجتمع السويدي غير آمن على نفسه حاليا حيث ان حرق القرآن وعدم معالجة الأمر سيجعلهم في خطر مستمر".
يشير روبرت إلى أن "حظر هذه المسألة سيجعل الجميع يعيش في بيئة آمنة واحترام قدسيات وآراء الآخرين حيث لا ضرورة في استهداف كتاب سماوي يمثل طائفة كبيرة وبالتالي بالإمكان أن يعم هذا الأمر على المسالمين في هذا المجتمع". وقال الرئيس التنفيذي لمركز الاستطلاعات تويفو خورين: إن التغيير بنسبة المعارضين بحرق القرآن، ربما تأثر بردود الفعل في العالم الخارجي، مضيفاً “حاولت دول عدة الاستفادة من حرق المصحف أو انتقاده، ما يؤثر في المصالح السويدية والانضمام إلى حلف الناتو. أعتقد بأن هذا أحد التفسيرات المهمة".
وأظهر الاستطلاع أيضاً أن النساء أكثر تأييداً لمنع حرق الكتب المقدسة من الرجال، حيث قالت 63 بالمئة من النساء إنهن يؤيدن الحظر، مقارنة بـ42 بالمئة من الرجال.
رأي حظر حرق الكتب السماوية لم يقتصر على المجتمع السويدي، بل هناك تحرك حكومي قادم إذ اعلن وزير العدل السويدي غونار سترومر أن الحكومة السويدية، تراجع حالياً الحاجة إلى إقرار تعديل قانوني لحظر حرق المصحف، بعد ارتفاع مستوى التوتر والتهديدات الإرهابية التي تواجهها السويد.
وقال في حديث لوكالة الأنباء السويدية: إن "المرحلة الأخيرة شهدت قدراً كبيراً من التوتر وارتفاع التهديد الإرهابي ضد السويد واقتحام سفارات السويد في الخارج.
وأضاف “في ظل كل هذا، فمن المعقول مراجعة الوضع القانوني، واللجوء إلى تدابير خاصة".
بعد هذه الحادثة، أعلن مجلس القضاء الأعلى في العراق، ، اتخاذ إجراءات قانونية بحق "موميكا"، مؤكداً أنّ الإجراءات تتضمن طلب استرداده من السلطات السويدية ومحاكمته وفقاً للقانون العراقي.
وأعربت وزارة الخارجية العراقية عن استنكارها لسماح السلطات السويدية لأحد المتطرفين بإحراق نسخة من المصحف الشريف، مؤكدةً أن "هذه الأحداث من شأنها تأجيج مشاعر المسلمين حول العالم وتشكل استفزازاً خطيراً".
لكن قانونين في السويد يؤكدون أن السويد لن تسلم موميكا الى العراق، حيث يذكر القانوني مجيد الناشئ المتواجد في السويد بتصريح خص به "الصباح"، أن "السويد لن تسلم سلوان موميكا لأنه في حال عاد الى العراق سيتعرض إلى خطر محدق".
ويؤكد الناشئ أن "القضية لو تتعلق بسجن فهذا من حق الدولة باسترداده لكن أن يتعرض لخطر فهذا يعني منع تسليمه من السلطات السويدية".
الناشئ يفسر قضية هل الفعل يندرج ضمن حرية التعبير أو خطاب الكراهية إذ يقول إن "البعض يعتبر حرق الكتب السماوية لا يندرج ضمن حرية التعبير عن الرأي وفي بلدان أخرى يعتبر حرية التعبير وأنا شخصيا أعمل على تشريع بأن هناك حدوداً في حال تم تعديها ستكون كراهية وهذا الأمر يتعلق بمثل قضية سلوان موميكا".
عن قضية منح الجنسية لسلوان موميكا بسبب هذا الأمر، يشير الناشئ إلى أن "حصوله على الجنسية السويدية أمر مستبعد لأنهم لا يعطون الجنسية لشخص قام بمثل هذا الفعل وتقييمي القانوني أنه من الصعوبة أن يحصل على جنسية حتى بعد خمسة عشر عاماً لأنه كان قائداً لـفصيل مسلح معين والسويد عادة ما تحرم هكذا أشخاص من الجنسية حتى لو كانت لديهم أسباب كافية حيث يتم منحهم الإقامة ذات 12 شهراً وتجدد سنوياً".